Толкование аятов сотворения земли и небес - в рамках 'Атар аль-Муаллими'
تفسير آيات خلق الأرض والسماوات - ضمن «آثار المعلمي»
Исследователь
محمد أجمل الإصلاحي
Издатель
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤٣٤ هـ
Жанры
الرسالة الرابعة عشرة
في تفسير آيات خلق الأرض والسماوات
7 / 281
[١/ب] الحمد لله.
* [البقرة: ٢٨]: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾ بأن خلقها، وجعل فيها رواسي، وبارك فيها، وقدَّر فيها أقواتها؛ كما تبيِّنه آية حم السجدة (^١)، وسيأتي تفسيرها إن شاء الله.
﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾ أي وهي دخان، فقال لها وللأرض: ائتيا طائعين؛ كما في آية حم السجدة.
﴿فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾ هو كقوله في آية [حم] السجدة: ﴿فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾ [١٢]، وكقوله في آية النازعات: ﴿بَنَاهَا (٢٧) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا﴾ [٢٧ - ٢٨].
* [فصلت: ٩ - ١٢]: ﴿أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٩)﴾ ظاهره أنَّه سبحانه خلقها قطعة واحدة في هذين اليومين، وأنَّ خلق الجبال هو فيما بعد ذلك لقوله: ﴿وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا﴾ أي أوجد فيها الجبال بأن أمر بعضها أن يرتفع ويصلب إلى غير ذلك. وهذا وما بعده يستلزم دحوَ الأرض بمعنى بسطها.
﴿وَبَارَكَ فِيهَا﴾ بأن جعلها صالحة لعيش الحيوانات، وتوليد المعادن، وإنبات النباتات، وغير ذلك.
﴿وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا﴾ بأن خصَّ كلَّ قطعة بالصلاحية لتوليد معدن
_________
(^١) يعني سورة فصلت، وكذا تسمى في المصاحف الهندية.
7 / 283
خاصٍّ، وإنبات نبات خاصٍّ، ونحو ذلك، بالقدر الذي اقتضته حكمته. وهذا كلُّه قدَّره في باطن الأرض، لم يبرز منه شيء، وإنما أبرزه تعالى بعد خلق السماوات، كما سيأتي.
﴿فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ﴾ قال المفسرون: أي في تمام أربعة أيام، ليكون اليومان اللذان خلق فيهما السماء تمام ستِّ، فتوافق قوله تعالى في سورة السجدة: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ﴾ [٤].
قال صاحب «الأضداد» (^١): «فإن قال قائل: كيف يدخل يومَا الخلق في هذه الأربعة حتى يصيرا بعضَها، وقد فصَل الله اليومين من الأربعة؟
قيل له: لما كان الإرساء من الخلق، وانضمَّ إليه تقدير الأقوات؛ نُسِقَ الشيءُ على الشيء للزيادة الواقعة معه، كما يقول الرجل للرجل: قد بنيتُ لك دارًا في شهر، وأحكمتُ أساساتها، وأعليتُ سقوفها، وأكثرتُ ساجَها، ووصلتُها بمثلها في شهرين؛ فيدخل الشهر الأول في الشهرين، ويعطف الكلام الثاني على الأول لما فيه من معنى الزيادة. أنشد الفرَّاء (^٢):
فإنَّ رُشَيدًا وابنَ مروان لم يكن ... لِيفعلَ حتى يُصدر الأمرَ مُصْدَرا
فرُشَيد هو ابن مروان، نُسِق عليه لما فيه من زيادة المدح.
_________
(^١) يعني محمد بن قاسم الأنباري. انظر كتابه «الأضداد» (ص ١٠٩ - ١١٠).
(^٢) في «معاني القرآن» (٢/ ٣٤٥) ومنه في «تفسير الطبري» - هجر (١٩/ ١٣١) و«الضرائر» لابن عصفور (ص ٧١).
7 / 284
وقال الآخر (^١):
يظنُّ سعيدٌ وابنُ عمرو بأنني ... إذا سامني ذُلًّا أكون به أرضى
فلستُ براضٍ عنه حتى يُنيلني ... كما نال غيري من فوائده خفضا
فسعيد هو ابن عمرو (^٢)، نُسِق عليه لما فيه من زيادة المدح (^٣)» هـ.
قال الشَّرْبيني (^٤): «فإن قيل: إنَّه تعالى ذكر خلق الأرض في يومين، فلو ذكر أنه خلق هذه الأنواع الثلاثة الباقية في يومين [آخرين] كان أبعد عن الشبهة وعن الغلط، فلم ترك التصريح بذكر الكلام الجمل؟
أجيبَ بأنَّ قوله تعالى: ﴿فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً﴾ أي استوت الأربعة استواءً لا يزيد ولا ينقص= فيه فائدة زائدة على ما إذا قال: خلقت هذه الثلاثة في يومين؛ لأنه لو قال تعالى: خلقت هذه الأشياء في يومين لا يفيد هذا الكلام كونَ اليومين مستغرقين بتلك الأعمال، لأنه قد يقال [٢/أ]: عملتُ هذا العمل في يومين، مع أن اليومين ما كانا مستغرقين بذلك العمل، بخلافه لما ذكر خلق الأرض وخلق هذه الأشياء، ثم قال: ﴿فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً﴾ = دلَّ على أن هذه الأيام الأربعة صارت مستغرقة في تلك الأعمال من غير زيادة ولا نقصان» هـ.
وقد يقال: كان يمكن أن يقال عند ذكر اليومين الأولين: «سواء»، ثم
_________
(^١) نقل ابن الجوزي في «زاد المسير» (٤/ ٩٥) البيت الأول.
(^٢) في «زاد المسير» أنه سعيد بن عمرو بن عثمان بن عفان.
(^٣) في مطبوعة «الأضداد»: «نُسِق عليه لأن فيه زيادة مدح».
(^٤) في «السراج المنير» (٣/ ٥٩٩).
7 / 285
يقال بدل «في أربعة»: «في يومين سواءً»، فتحصل الفائدتان:
والجواب: أنَّ خلق الأرض كان في اليومين الأولين غير مستغرقين، ثم كان جعلُ الرواسي في بقية اليومين وفيما بعدهما. فلا يصح أن يقال في اليومين الأولين «سواء» لوجود النقص، ولا أن يقال بدل «أربعة أيام»: «يومين سواءً» لوجود الزيادة.
فإن قيل: فلمَ لم يقل بدل ﴿فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ﴾: «في يومين»، ثم يقال: «فتلك أربعة سواء»؛ كما قال تعالى: ﴿تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ﴾ [البقرة: ١٩٦]؟
فالجواب: أنَّ هذه العبارة لا تدل على أنَّ خلق الأرض في اليومين الأولين غير مستغرقين، إلى آخر ما مرَّ، فتعيَّن للتعبير عنه ما في الآية فتأمَّلْ.
﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (١١) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾ أي سوَّاهن.
﴿فِي يَوْمَيْنِ﴾ هذان اليومان تمام الستة الأيام المذكورة في سورة السجدة وغيرها.
﴿وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا﴾ الظاهر أنَّ هذا كان بعد انتهاء الستة الأيام.
قال في «الجلالين» (^١): «﴿أَمْرَهَا﴾ الذي أمَرَ به مَن فيها من الطاعة والعبادة».
والظاهر أنَّه أعمُّ من ذلك، وأنَّ المراد: أوحى في كلِّ سماء شأنَها الذي
_________
(^١) (ص ٤٧٨).
7 / 286
أراد كونه فيها، فيشمل جميع الشؤون التي تتعلَّق بكلِّ سماءٍ من مخلوقات أجرام وملائكة وغيرها، ومن أوامر بعبادات ووظائف (^١) تتعلَّق بعمارة الكون وغير ذلك. فـ «أمر» هنا عامٌّ، لأنه مفرد مضاف.
﴿وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا﴾ الظاهر أنَّ هذا دخَلَ في قوله تعالى: ﴿وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا﴾، ولذلك ــ والله أعلم ــ كان الالتفات. وإنما خصَّه تعالى بالذكر لأنه أعظم ما يشاهده أهل الأرض من أحوال السماء. ﴿ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾.
* [النازعات: ٢٧ - ٣٢] ﴿أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (٢٧)﴾ ثم فسَّر البناء بقوله تعالى: ﴿رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (٢٨)﴾ قال الجلال: «تفسيرٌ لكيفيَّة البناء» (^٢) ﴿وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (٢٩) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ﴾ أي بعد خلق السماء وما فيها ﴿دَحَاهَا (٣٠)﴾ أي أزال عن وجهها شيئًا كان مانعًا من إخراج مائها ومرعاها. فلذلك فسَّره تعالى بقوله: ﴿أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (٣١)﴾.
وقال الجلال: «﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (٣٠)﴾ بسطها، وكانت مخلوقة قبل السماء من غير دحو» (^٣) أي: وبذلك يتبيَّن اتفاق الآيات.
وفي الشَّربيني (^٤): «قال الرازي: وهذا الجواب مشكل لأن الله تعالى
_________
(^١) رسمها في الأصل بالضاد.
(^٢) «تفسير الجلالين» (ص ٥٨٤).
(^٣) المصدر نفسه.
(^٤) «السراج المنير» (٣/ ٥٩٨).
7 / 287
خلق الأرض في يومين، ثم إنه في اليوم الثالث جعل فيها رواسي من فوقها، وبارك فيها، وقدَّر فيها أقواتها. وهذه الأحوال لا يمكن إدخالها في الوجود إلا بعد أن صارت الأرض منبسطة. ثم إنه تعالى قال بعد ذلك: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾ فهذا يقتضي أنَّ الله تعالى خلق السماء بعد خلق الأرض، وبعد أن جعلها مدحوَّة؛ وحينئذ يعود السؤال. ثم قال: والمختار عندي أن يقال: خلقُ السماء مقدَّم على خلق الأرض. وتأويل الآية أن يقال: الخلق ليس عبارة عن التكوين والإيجاد. والدليل عليه قوله تعالى: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [آل عمران: ٥٩]. فلو كان الخلق عبارة عن الإيجاد لصار تقديرُ الآية: أوجده من تراب، ثم قال له: كن، فيكون؛ وهذا محال. فثبت أنَّ الخلق ليس عبارة عن الإيجاد، والتقدير في حق الله تعالى هو كلمته بأن سيوجده. إذا ثبت هذا فنقول: قوله تعالى: ﴿خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ﴾ معناه أنه قضى بحدوثها في يومين وقضاءُ الله تعالى أنه سيحدث كذا في مدَّة كذا لا يقتضي حدوثَ ذلك الشيء في الحال. فقضاءُ الله تعالى بحدوث الأرض في يومين قد تقدَّم على إحداث السماء، وحينئذ يزول السؤال» (^١).
[٢/ب] أقول: هذا الوجه بعيد جدًّا، لأن الله يقول في سورة البقرة: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾
[٢٩]. وقال في حم السجدة: ﴿خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ ... وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (١٠) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾ [٩ - ١١].
_________
(^١) انظر: «مفاتيح الغيب» (٢٧/ ٥٤٦، ٥٤٩).
7 / 288
فالآيتان ظاهرتان في تقدُّم خلق الأرض. وجعلُ «خلَقَ» بمعنى «قضى» ضعيف.
فأما قوله تعالى: ﴿كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [آل عمران: ٥٩] فالمراد ــ والله أعلم ــ: ثم قال له: كن بشرًا حيًّا سويًّا. وهذا ظاهر.
فإن قلت: إنَّ تقدير الخلق سببٌ له، فلم لا يجوز إطلاقُه عليه مجازًا من إطلاق المسبَّب وإرادة السبب؟
قلت: الأصل الحقيقة، ولا يُعدل عنه إلا بدليل، ولاسيَّما والسياق يؤيد الحقيقة.
فإن قلت: فالدليل آية النازعات.
قلت: لا نسلِّم أنَّها تدلُّ على أنَّ بسط الأرض كان بعد خلق السماء. وذلك أنَّا نقول: إنَّ المراد بالدحو في قوله تعالى: ﴿دَحَاهَا﴾ إزالةُ شيءٍ كان على وجه الأرض يمنع إخراج مائها ومرعاها، بدليل أن الله تعالى فسَّره بذلك. قال تعالى: ﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (٣٠) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا﴾.
وقد أشار في «المدارك» (^١) إلى هذا. وهو كقوله تعالى قبل: ﴿السَّمَاءُ بَنَاهَا (٢٧) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (٢٨)﴾ وقد مرَّ.
_________
(^١) فسَّر النسفي الدحو بمعنى البسط ثم قال: «وكانت مخلوقة غير مدحوة فدحيت من مكة بعد خلق السماء بألفي عام. ثم فسَّر البسط فقال: ﴿أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا﴾ بتفجير العيون ﴿وَمَرْعَاهَا﴾ كلأها ...». «مدارك التنزيل» (٣/ ٥٩٨ - ٥٩٩).
7 / 289
فإن قلت: إنَّ اللغة تأبى هذا، فإنَّ الدحو إنما عُرِف في اللغة بمعنى البسط، وأيُّ بسط في إخراج الماء والمرعى؟
قلت: قال في «المختار»: ودحا (^١) المطرُ الحصى عن وجه الأرض (^٢).
وقال الشاعر (^٣):
ينفي الحصَى عن جديد الأرض مُبْتَرِكٌ ... كأنَّه فاحصٌ أو لاعبٌ داحي
وهو يدل على صحة ما قلنا: فإن ضاقت الحقيقة فالمجاز واسع.
وهذا القول متعيِّن لأن الله تعالى فسَّره به، وكفى بتفسيره تعالى حجة.
فإن قلت: لا نسلِّم أنَّ قوله تعالى: ﴿أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا﴾ تفسير
لـ ﴿دَحَاهَا (٣٠)﴾، وإنما هو ــ كما قال الجلال (^٤) ــ: «حال بإضمار «قد» أي مُخْرِجًا».
قلت: هذا باطل، لأنَّ قوله: «حال بإضمار قد» يريد أن التقدير عليه: والأرض بعد ذلك دحاها، والحالُ أنه قد أخرج منها ماءها ومرعاها؛ فتكون حالًا محكيَّة، لأنَّ ماضِويَّة الفعل ولاسيَّما مع تقدير «قد» صريحة في أنَّ إخراج الماء والمرعى وقع قبل الدحو، وهذا ظاهر الفساد.
_________
(^١) رسمها في الأصل: «دحى». والفعل من باب دعا، وعليه اقتصر الجوهري. ومن باب سعى لغة.
(^٢) «مختار الصحاح» (ص ٨٤). يعني: نزَعَه كما في «المحكم» (٣/ ٢٧٥).
(^٣) هو أوس بن حجر، من قصيدة تعزى إلى عبيد بن الأبرص أيضًا. انظر: «ديوان أوس» (١٦) و«ديوان عبيد» (٣٥). والمؤلف صادر عن «أضداد ابن الأنباري» (١١١).
(^٤) «تفسير الجلالين» (ص ٥٨٤).
7 / 290
وإن حاول التفصِّي منه بقوله: أي مُخرِجًا. ومراده الاعتذار بأن الحال تكون مقدَّرة، أي والأرض بعد ذلك دحاها مقدَّرًا أنه سيُخرج منها ماءها ومرعاها. وهذا (^١) باطل لما مرَّ، فإنَّ أول الكلام صريح في أنَّ التقدير: والأرضَ بعد ذلك دحاها، والحالُ أنه قد أخرج منها ماءها ومرعاها. وهذا صريح في تقدُّم الإخراج، فمن أين تصحُّ دعوى جعلها حالًا مقدَّرة؟ وكيف يصحُّ أن تكون الحال محكيَّةً مقدَّرةً باعتبار واحد؟ هذا خُلْف.
[٣/أ] فالحقُّ ــ إن شاء الله تعالى ــ ما قلناه: أنَّ معنى ﴿دَحَاهَا﴾: أزال عن وجهها شيئًا كان مانعًا لها عن إخراج مائها ومرعاها.
وقد قال في «الأضداد» (^٢) في ﴿بَعْدَ﴾: «ويكون بمعنى (قبل)، قال الله ﷿: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ﴾ [الأنبياء: ١٠٥] فمعناه عند بعض الناس: من قَبل الذكر، لأنَّ الذكر:
القرآن. وقال أبو خِراش (^٣):
حمِدتُ إلهي بعدَ عروةَ إذ نجا ... خِراشٌ وبعضُ الشرِّ أهَونُ من بعض
أراد: قبل عروة، لأنَّهم زعموا أنَّ خِراشًا نجا قبل عروة (^٤).
وقال الله ﷿: ﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا﴾» إلى أن قال: «ويجوز أن
_________
(^١) كذا في الأصل بدلًا من «فهذا» لأنه جواب الشرط.
(^٢) (ص ١٠٨).
(^٣) انظر: «شرح أشعار الهذليين» (١٢٣٠) و«حماسة أبي تمام» (١/ ٣٨٥).
(^٤) وكذا في «تفسير الطبري» - هجر (٢٤/ ٩٣). وفي قتل خراش روايتان: إحداهما في «الكامل» للمبرد (٧١٢) والأخرى في «الأغاني» (٢١/ ٢٤٢) والثانية صريحة في أن عروة قُتِل قبل خراش، وليس في الأولى ما يخالف ذلك.
7 / 291
يكون معنى الآية: والأرض مع ذلك دحاها (^١)، كما قال ﷿: ﴿عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ﴾ [القلم: ١٣] أراد: مع ذلك.
وقال الشاعر (^٢):
فقلتُ لها فِيئي إليكِ فإنَّني ... حرامٌ وإنِّي بعد ذاك لبيبُ
أراد: مع ذلك».
وتأوَّلها بعضهم بأنَّ (ثم) ليست للترتيب (^٣).
وهذه الأوجه كلُّها بعيدة. ولا ضرورة إليها بحمد الله.
﴿وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (٣٢)﴾ أي ثبَّتها، فلا ينافي أنه قد سبق إيجادُها. وهذا أولى من إنكار الترتيب، والله أعلم.
_________
(^١) روى ذلك عن مجاهد وغيره. انظر: «تفسير الطبري» - هجر (٢٤/ ٩٤).
(^٢) هو المضرَّب بن كعب بن زهير. أنشده له أبو عبيدة في «مجاز القرآن» (٢/ ٣٠٠). وأنشده أيضًا في (١/ ١٤٥) دون عزو.
(^٣) انظر «مفاتيح الغيب» (٢/ ١٤٣).
7 / 292