374

التفسير والمفسرون

التفسير والمفسرون

Издатель

مكتبة وهبة

Место издания

القاهرة

Жанры

دلَّت على هذا أخبار متواترة ... فمنها: ما فى البصائر بسند صحيح عن أبى الصباح قال: واللهِ لقد قال لى جعفر بن محمد ﵇: إن الله علَّم نبيه ﷺ التنزيل والتأويل. قال: فعلَّم رسول الله ﷺ عليًا ﵇، قال: وعلَّمنا ... . (الخبر) .
وما فيه أيضًا بإسناده عن يعقوب بن جعفر قال: كنت مع أبى الحسن ﵇ بمكة، فقال له رجل: إنك لتفسِّر من كتاب الله ما لم نسمع به، فقال أبو الحسن: فنحن نعرف حلاله وحرامه، وناسخه ومنسوخه، وسفريه وحضريه، وفى أى ليلة نزلت من آية، فيمن نزلت، وفيم أنزلت ... (الخبر) .
واستدل أيضًا بما فى الكافى عن أبى جعفر ﵇ أنه قال: ما يستطيع أحد يدَّعى أن عنده علم جميع القرآن كله ظاهره وباطنه إلا الأولياء.
ثم قال المولى عبد اللطيف بعد سياقه لهذه الروايات وغيرها: "وأما غيرهم ﵈ فلا شبهة فى قصور علومهم وعجز أفهامهم عن الوصول إلى ساحة إدراك كثير من تفسير الظواهر والتنزيل، فضلًا عن البواطن والتأويل، بلا إسناد من الأئمة العاملين، وعناية من الله رب العالمين".
ثم بعد أن استدل على ذلك بما ذكره من روايات سابقة ولاحقة قال: "ولهذا ورد المنع من التفسير بغير الأخذ منهم ﵈". ثم استدل على عدم جواز تفسير القرآن بالرأى وضرورة الرجوع إلى الأئمة فى فهم معانيه، فكان مما استدل به، ما رواه عن العياشى عن الصادق ﵇ قال: "مَن فَسَّر القرآن برأيه إن أصاب لم يؤجر، وإن أخطأ فهو أبعد من السماء"، وما روى عن النبى ﷺ: "مَن فسَّر القرآن برأيه فليتبوأ مقعدة من النار"، وما ورد فى تفسير الإمام ﵇ من قوله: "أتدرون من المتمسك بالقرآن الذى له الشرف العظيم؟ هو الذى يأخذ القرآن وتأويله عنا أهل البيت، أو عن وسائط السفراء عنا إلى شيعتنا، لا عن آراء المجادلين، وقياسا الفاسقين، فأما مَن قال فى القرآن برأيه فإن اتفق له مصادفة صواب فقد جهل فى أخذه عن غير أهله، وإن أخطأ القائل فى القرآن برأيه فقد تبوأ مقعده من النار" (ص ١١-١٢) .
ثم بعد ذلك وفَّق بين الأخبار الدالة بظواهرها على حُرْمة التفسير بالرأة وبين ما ورد من قوله تعالى: ﴿أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القرآن أَمْ على قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ﴾ [محمد: ٢٤]، وقوله: ﴿لَعَلِمَهُ الذين يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ [النساء: ٨٣] ... وقوله ﵇: "القرآن ذلولَ ذو وجوه، فاحملوه على أحسن الوجوه"، وغير ذلك من الآيات والأخبار الدالة على أن فى معانى القرآن لأرباب الفهم متسعًا بالغًا ومجالًا رحبًا فقال: لنا فى هذا المقام توجيهات عديدة نشير ههنا إلى ما هو الأكمل منها، وهو ما ذكره بعض محققى علمائنا، وقال: "الصواب أن يقال: إن مَن أخلص الانقياد لله ورسوله ولأهل البيت،

2 / 43