التفسير والمفسرون
التفسير والمفسرون
Издатель
مكتبة وهبة
Место издания
القاهرة
Жанры
والأخذ به، فأخذ يتأوَّل القرآن على غير تأويله، وسلك فى شرح نصوصه طريقًا ملتوية، فيها تعسف ظاهر وتكلف غير مقبول، وكان الذى رمى به فى هذه الطريق الملتوية التى باعدت بينه وبين هداية القرآن، هو تسلط العقيدة على عقله وقلبه، وسمعه وبصره، فحاول أن يأخذ من القرآن شاهدًا على صدق بدعته، وتحايل على نصوصه الصريحة لتكون دعامة يقيم عليها أصول عقيدته ونزعته، فحرَّف القرآن عن مواضعه، وفسّر ألفاظه على تحمل ما لا تدل عليه، فكان من وراء ذلك فتنة فى الأرض وفساد كبير!!
وكان بجوار هذا الفريق من المسلمين، فريق آخر منهم، برع فى علوم حدثت فى المِلَّة، ولم يكن للعرب بها عهد من قبل، فحاولوا أن يصلوا بينها وبين القرآن، وأن يربطوا بين ما عندهم من قواعد ونظريات وبين ما فى القرآن من أصول وأحكام وعقائد، وتم لهم ذلك على اختلاف بينهم فى الدوافع والحوافز على هذا العمل، منهم مَن قصد حذق هذه العلوم وترويجها على حساب القرآن، ومنهم مَن أراد خدمة الدين وتفهم القرآن على ضوء هذه العلوم، وأخيرًا خرج هذا الفريق على الناس بتفاسير كثيرة، فيها خير وشر، وبينها تفاوت فى المنهج، واختلاف فى طريقة الشرح ووسيلة البيان.
وكان من وراء هؤلاء وهؤلاء فريق التحف الإسلام وتبطَّن الكفر، يحمل بين فكيه لسانًا مسلمًا، وبين جنبيه قلبًا كافرًا مظلمًا، يحرص كل الحرص على أن يطفئ نور الإسلام ويهدم عز المسلمين، فلم يجد أعوان له على هذا الغرض السئ، من أن يتناول القرآن بالتحريف والتبديل، والتأويل الفاسد الذى لا يقوم على أساس من الدين، ولا يستند إلى أصل من اللغة، ولا يرتكز على دليل من العقل ... وأخيرًا خرج هؤلاء أيضًا على الناس بتأويلات فيها سخف ظاهر وكفر صريح، خفى على عقول بعض الأغمار الجهلة، ولكن لم يجد إلى قلوب عقلاء المسلمين سبيلًا، ولم يلق من نفوسهم رواجًا ولا قبولًا، بل وكان منهم من أفرغ همه لدحض هذه التأويلات، وأعمل لسانه وقلمه لإبطال هذه الشبهات، فوقى الله بهم المسلمين من شَرٍّ، وحفظ بهم الإسلام من ضُرٍّ، فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
خلف لنا هؤلاء جميعًا - مسلمون وأشباه مسلمين، مبتدعون وغير مبتدعين، كتبًا كثيرة فى تفسير القرآن الكريم، كل كتاب منا يحمل طابع صاحبه، ويتأثر بمذهب مؤلفه، ويتلون باللون العلمى الذى يروج فى العصر الذى أُلِّفَ فيه، ويغلب على غيره من النواحى العلمية لكاتبه، وعنى المسلمون بدراسة بعض هذه الكتب،
1 / 7