التفسير والمفسرون
التفسير والمفسرون
Издатель
مكتبة وهبة
Место издания
القاهرة
Жанры
التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه:
ذكر مؤلف هذا التفسير فى مقدمته أنه منذ عهد الصغر، لم يزل متطلبًا لاستكشاف سر كتاب الله المكتوم، مترقبًا لارتشاف رحيقه المختوم، وأنه طالما فرق نومه لجمع شوارده، وفارق قومه لوصال خرائده، لا يرفل فى مطارف اللهو كما يرفل أقرانه، ولا يهب نفائس الأوقات لخسائس الشهوات كما يفعل إخوانه، وبذلك وفَّقه الله للوقوف على كثير من حقائقه، وحل وفير من دقائقه، وذكر أنه قبل أن يكمل سنه العشرين، شرع يدفع كثيرًا من الإشكالات التى ترد على ظاهر النظم الكريم، ويتجاهر بما لم يظفر به فى كتاب من دقائق التفسير، ويعلق على ما أغلق مما لم تعلق به ظفر كل ذى ذهن خطير، وذكر أنه استفاد من علماء عصره، واقتطف من أزهارهم، واقتبس من أنوارهم، وأودع علمهم صدره، وأفنى فى كتابة فوائدهم حبره ... ثم ذكر أنه كثيرًا ما خطر له أن يحرر كتابًا يجمع فيه ما عنده من ذلك وأنه كان يتردد فى ذلك، إلى أن رأى فى بعض ليالى الجمعة من شهر رجب سنة ١٢٥٢ هـ (اثنتين وخمسين ومائتين بعد الألف من الهجرة)، أن الله جَلّ شأنه أمره بطى السماوات والأرض، ورتق فتقهما على الطول والعرض، فرفع يدًا إلى السماء، وخفض الأخرى إلى مستقر الماء، ثم انتبه من نومه وهو مستعظم لرؤيته، فجعل يفتش لها عن تعبير، فرأى فى بعض الكتب أنها إشارة إلى تأليف تفسير، فشرع فيه فى الليلة السادسة عشرة من شهر شعبان من السنة المذكورة، وكان عمره إذ ذاك أربعًا وثلاثين سنة، وذلك فى عهد السلطان محمود خان بن السلطان عبد الحميد خان، وذكر فى خاتمته أنه انتهى منه ليلة الثلاثاء لأربع خلون من شهر ربيع الآخر سنة ١٢٦٧ هـ (سبع وستين ومائتين بعد الألف)، ولما انتهى منه جعل يفكر ما اسمه؟ وبماذا يدعوه؟ فلم يظهر له اسم تهتش له الضمائر، وتبتش من سماعه الخواطر، فعرض الأمر على وزير الوزراء علىّ رضا باشا. فسمَّاه على الفور: "روح المعانى، فى تفسير القرآن العظيم والسبع المثانى".
هذه هى قصة تأليف هذا التفسير، كما ذكرها صاحبه عليه رضوان الله.
وقد ذكروا أن سلوكه فى تفسيره هذا كان أمرًا عظيمًا، وسرًا من الأسرار غريبًا، فإن نهاره كان للإفتاء والتدريس وأول ليلة لمنادمة مستفيد وجليس، فيكتب بأواخر الليل منه ورقات، فيعطيها صباحًا للكُتَّاب الذين وظَّفهم فى داره فلا يكملونها تبييضًا إلا فى نحو عشر ساعات.
* *
* مكانة هذا التفسير من التفاسير التى تقدمته:
ثم إن هذا التفسير - والحق يقال - قد أفرغ فيه مؤلفه وسعه، وبذل مجهوده حتى أخرجه للناس كتابًا جامعًا لآراء السَلَف رواية ودراية، مشتملًا على أقوال الخَلَف بكل
1 / 252