Тафсир ас-Саади: Сура Фуссилат

Мухаммад ибн Салих аль-Усеймин d. 1421 AH
85

Тафсир ас-Саади: Сура Фуссилат

تفسير العثيمين: فصلت

Издатель

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤٣٧ هـ

Место издания

المملكة العربية السعودية

Жанры

وَثَمُودَ لِأنَّ العَرَبَ يَعرِفُونَهما، فَهُم يَمُرُّون بدِيارِ ثَمودَ إذا ذَهَبوا إلَى الشَّامِ، وهُم كذَلِك يَعرِفون مَحلَّ عادٍ بِالأحْقافِ، وَيذْكُرون وَيتَناقَلون ما جَرى لَهم مِن العَذابِ، وإلَّا فَهُناك أُناسٌ أيضًا أهلَكهم اللهُ ﷿ ولَكِن لمَّا كان هؤلاءِ القَومُ - أعْنِي: عادًا وَثَمُودَ - هُم الَّذِين تَعرِفُهم العَرَبُ؛ أي: كُفَّارُ مكَّةَ، نَصَّ علَيْهم. قَولُه: ﴿مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ﴾، عادٌ هُم قَومُ هُودٍ، وثَمُودُ هُم قَومُ صالِحٍ؛ فَأُهلِكتْ عادٌ؛ بالرِّيحِ. والحِكْمَةُ مِن ذلِك أنْ يُريَهم اللهُ ﷿ ضَعْفَهم، وكانُوا قَد افْتَخَروا بِقُوَّتهم فَقالوا: ﴿مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾، فَقالَ اللهُ تَعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾. وَأمَّا ثَمُودُ فأهْلَكَهم اللهُ ﷿ بِرَجْفَةٍ وصَيحَةٍ، صِيحَ بِهِم ورَجَفَتْ بِهم الأرْضُ فهَلَكوا. قَولُه: ﴿إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ﴾ [فصلت: ١٤]، إلَى آخِرِه، ﴿إِذْ﴾ هَذه ظَرْف للتَّعلِيل، يَعنِي أنَّ تَعلِيلَ الصَّاعِقةِ الَّتي، أهْلَكَتْهم سَببُ ذلِك أنَّ الرُّسُلَ جاءَتْهم مِن بَيْن أَيدِيهِم ومن خَلْفِهم، قال المُفَسِّرُ: [أيْ مُقبِلين علَيْهم ومُدبِرين عَنْهم فَكَفَروا - كَما سيَأتِي - والإِهْلاكُ في زَمَنِه فَقَط]. وقَولُه: ﴿مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ﴾ يَقولُ المُفسِّرُ: [أيْ مُقبِلِين علَيْهم ومُدبِرين عَنْهم، يَعنِي: تارَةً يُقبِلُون فيَدعُون وتارَةً يُدبِرون فيُهدِّدون إذا لمْ يُؤمِنوا، ويَحتَمِلُ أنْ يَكونَ المُرادُ: ﴿مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ﴾؛ أي: أَتَوْهُم بِالآياتِ الماضِيةِ والآياتِ المُستَقبَلةِ، فلمْ يُقَصِّروا في بَيانِ الحَقِّ، بلْ جاؤُوا بِبَيانِ الحَقِّ مِن كُلِّ وجْهٍ. وقَولُه ﵀: [فكَفَروا] هَذا هُو المَقْصُودُ مِنَ الإنْذارِ، أنَّهم كَفَروا فَأُهلِكوا؛ ولِهَذا قال: [والإِهْلاكُ في زَمَنِه فقَط]؛ أيْ: في زَمَنِ الكُفْرِ ولَيْس في زَمَنِ المَجِيءِ، لِأنَّ الرُّسُلَ جاءَتْ أوَّلًا ثُمَّ دَعَتْ ودَعَتْ، فلَمّا أصَرُّوا على كُفرِهم أُهلِكُوا.

1 / 89