Тафсир Аль-Усаймин: Истории
تفسير العثيمين: القصص
Издатель
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤٣٦ هـ
Место издания
المملكة العربية السعودية
Жанры
نسبت الدعوةَ إِلَى الْأَبِ دُونَ نفسها، وَهُوَ أَيْضًا مِنْ كمال الذَّكاء؛ لِأَنَّ نِسْبَةَ الدعوة إِلَى الْأَبِ أَقْرَبُ إِلَى إِجَابَةِ موسى للدعوة؛ حيث يَكُونُ الدَّاعِي له رَجُلًا، وقد وَصَفَتْه مِنْ قَبْلُ بأنه شَيْخٌ كَبِيرٌ، فتكونُ دعوته لموسى، وتوجيه الدعوة مِنْهُ إِلَى مُوسَى أَقْرَبَ إِلَى الإجابة.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: فِيهَا دَليلٌ عَلَى ذكاء الفتاة، فهي لَمْ تَقُلْ: إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ مِنْ أَجْلِ أَنْ يُوَجِّهَ إليه التُّهْمَة مثلًا، أَوْ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَغْدِرَ به، أو يطلبه، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، لكنها قالت: ﴿لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا﴾، وليكون أدَعى إِلَى إِجَابَةِ الدعوة.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أَنَّهُ يَنْبَغِي للإنسان كمال الْأَدَبِ فِي الأساليب وإزالةُ الوَحْشَة؛ لقوله: ﴿أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا﴾، فَإِنَّ فِي هَذَا إزالةَ الوَحْشَة، وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُزِيلَ الوَحْشَة عن المخاطَب، لَا سِيَّمَا فِي المَكَانِ الَّذِي تَعْتَرِيه الوَحْشة.
وكما يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي اللَّفْظِ، يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي حَالِ المَرْءِ، بحيث يُقابِل غيرَه بالبِشر والسَّماحة، وانطلاقِ الوجه، وَلِهَذَا كَانَ مِنْ أَوْصافَ النَّبيّ ﷺ أَنَّهُ كَانَ دائمَ البِشر، كثيرَ التبسُّم، وضد العُبوس والتقطيب، وعدم الانشراح؛ فَإِنَّ هَذَا يُوجِبُ لِغَيْرِك أَنْ يَنْفِرَ منك.
وَكَذَلِكَ أَيْضًا يُوجِبُ أَلَّا يأنسَ بك أَحَدٌ، حَتَّى لَوْ جلس عنده، ممنْ إِذَا رآك الْإِنْسَانُ فَإِنَّ فَضْلَ اللَّهِ يُؤْتِيه مَنْ يَشَاءُ، هَذَا الْأَمْرُ قَدْ يَكُونُ اكتسابًا، وَقَدْ يَكُونُ غريزةً؛ فَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَهَبُه اللَّهُ ﷾ مِثْلَ هَذِهِ الخَصْلة الطَّيِّبة، وَمنَ النَّاسِ مَنْ يُحرَم منها، وَمنَ النَّاسِ مَنْ يحاول أن يَتَخَلَّق بها.
وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لأشج عَبْدِ الْقَيْسِ: "إِنَّ فِيكَ خَصْلتَيْنِ يُحِبُّهَما اللَّهُ: الحلْمُ،
1 / 102