Тафсир Аль-Усаймин: Истории
تفسير العثيمين: القصص
Издатель
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤٣٦ هـ
Место издания
المملكة العربية السعودية
Жанры
وقوله تعالى: ﴿تَصْطَلُونَ﴾ تستدفئون؛ لأن الصَّلْيَ معناه: الاحتماء بالنار، فالاصْطِلَاء إذن الاحتماء بها، وهو الاسْتِدْفَاء، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا فِي بَرْدٍ.
يقول المُفَسِّرُ ﵀: [وَالطَّاءُ بَدَلٌ مِنْ تَاءِ الِافْتِعَالِ] هَذِهِ عِلَّةٌ تصريفية، فتاء الافتعال هِيَ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى فِعْلِ الشَّيْء، فالفعل (اصطلى) أصله (اصتلى)، و﴿تَصْطَلُونَ﴾ أصلها: (تصتلون)، مِثل تبتغون، ولكن القاعدة التصريفية فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّهُ إِذَا وَقَعَتْ تاء الافتعال بعد الصاد، فإنها تُقلب طاءً، وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِن: صَليَ النارَ -بِكَسْرِ اللَّامِ وفتحها- كرَضِيَ، وكرَمَى، ففيها لُغَتان فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ، فقوله تعالى: ﴿لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى﴾ [الليل: ١٥]، مِنْ بَابِ رَضِيَ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تعالى: ﴿الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى﴾ [الأعلى: ١٢].
يَقُولُ اللَّهُ تعالى فِي سُورة أخرى: ﴿لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى﴾ [طه: ١٠]، وَالْخَبَرُ أَعَمُّ مِنَ الْهُدَى، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَنْفِي هَذَا الشَّيْء، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ، وقُلنا: إِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ السماء مُغِيمة، وَإِلَّا لَكَانَ يَعرف النجوم؛ لأنَّه راعٍ، وَقَدْ بَقِيَ ثمانيَ سنواتٍ، ويعرف غالب النجوم.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَةُ الأُولَى: أَنَّهُ مَنْ تعهد بِشَيْءٍ فَإِنَّهُ لَا يشتغل بِغَيْرِهِ حَتَّى انتهائِه منه؛ لقوله: ﴿فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ﴾، وهذه قاعدةٌ مهمة، إِذَا اشْتَغَلَ الإِنْسَان بِشَيْءٍ لَا يَنتقِلُ إِلَى غَيْرِهَ حتى يُتِمَّهُ، وَكَذَلِكَ كَانَ السَّلَفُ، كانوا يبدءون بحفظ القُرْآن، فلا ينتقلون إِلَى غَيْرِهَ حتى يختموه، وهكذا.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: فِيهَا إِثْبَاتُ أَنَّ اللَّهَ ﷾ قد يُقدِّر لِلْمَرْءِ مِنَ الْأَسْبَابِ مَا توصله إلى الكمال، ذَلِكَ أَنَّ رَعْي الغَنم فيه مصلحة لرعاية الْخَلْقِ فِيمَا بَعْدُ، ولهذا
1 / 137