وقوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ﴾: ﴿إلَيْكَ﴾ هذا الغاية، والخطاب للرسول ﷺ.
وقوله: ﴿الْكِتَابَ﴾ أي: المكتوبَ، وهو القرآن، وسبق وَجْهُ كَوْنِه كتابًا.
وقوله: ﴿بِالْحَقِّ﴾ مُتَعَلِّق بـ (أنْزَل)، ﴿بِالْحَقِّ﴾ الباء هنا للمُلابَسَة وللتَّعْدِيَة، يعني أنَّ الكتاب نفسه نزل حقًّا من عند الله لا مِن عند غيره، أنزلناه بالحَقِّ يعني: بالتَّأكيد أنَّنا أنزلناه إليك من عندنا.
وقلنا أيضًا: (للتَّعْدِية) بمعنى: أنَّ الكتابَ نزَلَ بالحَقِّ، أي: إنَّ ما اشتملَ عليه القرآنُ فهو حَقٌّ.
فعلى الوجه الأول يكونُ المرادُ بقوله: ﴿بِالْحَقِّ﴾ تأكيدًا أنه نزل من الله؛ وعلى الوَجْه الثاني: يكون المعنى: أنَّ كُلَّ ما اشتمل عليه القرآن من أخبارٍ وأوامِرَ ونواهٍ وغيرِها، فهو حَقٌّ.
إذن: قوله: ﴿بِالْحَقِّ﴾ له معنيان:
المعنى الأول: أنَّ القرآنَ نزَلَ مِن عند اللهِ حقًّا لا باطلًا.
المعنى الثاني: أنَّ ما اشتَمَل عليه القرآنُ فهو حَقٌّ؛ أوامر، نواهٍ، أخبار، قَصص؛ كلُّها حَقٌّ.
قال المُفَسِّر ﵀: [﴿الْكِتَابَ بِالْحَقِّ﴾ مُتَعَلِّقٌ بأنزل]، ولم يقل: مُتَعَلِّق بأَنْزَلنا؛ لأنَّ المُتَعَلِّق إنما يتعلَّق بالفعل، أما (نا) فهي ضمير، خارجة عن الفعل.
قال تعالى: ﴿فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ الفاءُ للتَّفْريع، وعلامة فاء التَّفْريع أنَّ