Тафсир аль-Усеймина: ар-Рум

Мухаммад ибн Салих аль-Усеймин d. 1421 AH
78

Тафсир аль-Усеймина: ар-Рум

تفسير العثيمين: الروم

Издатель

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤٣٦ هـ

Место издания

المملكة العربية السعودية

Жанры

الصّحيحِ مِن حَدِيثِ أَبي هُريْرَةَ ﵁ عَنِ النّبيِّ ﵊ أنَّ الله قَال: "مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي ترَكْتُه وَشِرْكَهُ" (^١)، وهَل هَذا يشْمَلُ الشّركَ في الصّفَةِ، وفِي أصْل العمَلِ، أوْ نَقُولُ: إِذا كَانَ أصْلُ العمَلِ لَا شِرْكَ فِيه والصّفَةُ فِيها شِرْكٌ قُبِل أصْلُ العمَل دُونَ صِفَتِه، مثَلًا رجَلٌ أرَادَ أنْ يُصلِّي الرّاتِبةَ لكِنَّهُ أحَسنَها وأتْقَنَها واطمَأَنَّ فِيها رياءً، فإِنَّ هَذا لا ينْفَعُه، فَمَنْ ذَكَر الله: يُسَبِّحُ مرَّةً واحِدَةً، ولكنَّه من باب الرّياءِ يُسَبِّحُ ثلاثًا، فَتسبِيحُه الثّلاثُ لَا ينْفَعُه، لكِنْ لا نقُولُ أنَّه يحْبَطُ عَمَلُه، بَل يأْثَمُ عَلَى ذَلِك؛ لقوْلِه ﷾: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨] فالشرك مِن خصائِصه ولَوْ كانَ أصْغَر ألا يُغفَر إلا بتَوْبَةٍ. لَوْ قَالَ قَائِلٌ: هَل يُفرَّقُ بيْنَ الاسْتمرارِ عَلَى الشرْك الأصْغَرِ وعَدمِ الاسْتمرارِ؟ قُلْنَا: لا يُفرَّق بَيْنَهُما، مَا دامَ أنَّه لَا يصِلُ إِلَى حدِّ الأكبْرَ فهُوَ أصْغَرُ، لكِنْ يُفَرَّقُ بيْنَهم مِن جِهَةِ الإصْرارِ علَيْه، فيَكُون أعْظَم مِن فِعْلِه من ثمَّ ترْكِه. لَوْ قَالَ قَائِلٌ: الرّياءُ إِذا طرَأَ في أثْنَاءِ العبادَةِ، هلْ يَكُون مُبْطِلًا للعِبادَةِ؟ قُلْنَا: الرّياءُ إِذا طَرأَ في أثْناءِ العبادَةِ فإِنْ كافَحَه ودَافَعه مَا ضَرَّه، وإِنِ اسْتَرْسَل معَه واطمأَنَّ إِلَيْهِ فإِنَّهُ يضُرُّه، أمَّا هَل يكُونُ مُبْطِلًا للعِبادَةِ أوْ غيْرَ مُبْطِلٍ فإِنْ كانَتِ العبادَةُ تتَجَزَّأُ، كَما لَو أرَادَ أنْ يتَصدَّقَ بصَاعَيْنِ فأخْرَج صاعًا بدُونِ رِياءٍ، ثمَّ أخْرَج الثّانِي بِريَاءٍ فإِنَّ البطْلانَ يخْتَصُّ بِما حصَل بِه الرّياءُ فقَطْ، يعْني الأوَّلُ يكُونُ صحِيحًا، وَإِنْ كانَتِ العبادةُ لا تتجَزَّأُ - كَما في الصّلاةِ - فإِنَّ مِن أهْلِ العلْمِ مَن يَرى أنَّ الصّلاةَ

(^١) أخرجه مسلم: كتاب الزّهد والرّقائق، باب من أشرك في عمله غير الله، رقم (٢٩٨٥).

1 / 84