Тафсир ат-Табари - Джами' аль-Баян
تفسير الطبري جامع البيان - ط دار التربية والتراث
Номер издания
بدون تاريخ نشر
Жанры
لبعض الكتب التي أنزلها الله بلسان واحد -إذا تلاه بغير اللسان الذي نزل به- له مُترجِمًا، لا تاليًا على ما أنزله الله به.
فذلك معنى قول النبي ﷺ: كانَ الكتابُ الأول، نزل على حَرفٍ واحدٍ، ونزل القرآن على سبعة أحرف.
وأما معنى قوله ﷺ: "إن الكتاب الأول نزل من باب واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب"، فإنه ﷺ عنى بقوله: "نزل الكتاب الأول من باب واحد"، والله أعلم، ما نزل من كتب الله على من أنزله من أنبيائه، خاليًا من الحدود والأحكام والحلال والحرام، كزبور داود، الذي إنما هو تذكير ومواعظ، وإنجيل عيسى، الذي هو تمجيدٌ ومحامد وحضٌّ على الصفح والإعراض -دون غيرها من الأحكام والشرائع- وما أشبه ذلك من الكتب التي نزلت ببعض المعاني السبعة التي يحوي جميعَها كتابُنا، الذي خَصَّ الله به نبينا محمدًا ﷺ وأمَّته. فلم يكن المتعبَّدون بإقامته يجدون لِرضَى الله تعالى ذكره مطلبًا ينالون به الجنة، ويستوجبون به منه القُرْبَة، إلا من الوجه الواحد الذي أنزل به كتابهُم، وذلك هو الباب الواحد من أبواب الجنة الذي نزل منه ذلك الكتاب.
وخص الله نبيَّنا محمدًا ﷺ وأمَّتَه، بأن أنزل عليهم كتابَه على أوجه سبعةٍ من الوجوه التي ينالون بها رضوان الله، ويدركون بها الفوز بالجنة، إذا أقاموها (١) فكُلّ وجه من أوجُهه السبعة بابٌ من أبواب الجنة التي نزل منها القرآن. لأن العامل بكل وجه من أوجُهه السبعة، عاملٌ في باب من أبواب الجنة، وطالب من قِبَله الفوز بها. والعملُ بما أمر الله جل ذكره في كتابه، بابٌ من أبواب الجنة، وتركُ ما نهى الله عنه فيه؛ بابٌ آخر ثانٍ من أبوابها؛ وتحليلُ ما أحلّ الله فيه، بابٌ ثالث من أبوابها؛ وتحريمُ ما حرَّم الله فيه، باب رابعٌ من أبوابها؛
(١) في المطبوعة: "فلكل وجه من أوجهه السبعة باب من أبواب الجنة الذي نزل منه القرآن". وهو تغيير لا جدوى فيه.
1 / 71