الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة: ٢] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ:
مَعْنَى ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ [الفاتحة: ٢] الشُّكْرُ خَالِصًا لِلَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ دُونَ سَائِرِ مَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِهِ، وَدُونَ كُلِّ مَا بَرَأَ مِنْ خَلْقِهِ، بِمَا أَنْعَمَ عَلَى عِبَادِهِ مِنَ النَّعَمِ الَّتِي لَا يُحْصِيهَا الْعَدَدُ وَلَا يُحِيطُ بِعَدَدِهَا غَيْرُهُ أَحَدٌ، فِي تَصْحِيحِ الْآلَاتِ لِطَاعَتِهِ، وَتَمْكِينِ جَوَارِحِ أَجْسَامِ الْمُكَلَّفِينَ لِأَدَاءِ فَرَائِضِهِ، مَعَ مَا بَسَطَ لَهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ مِنَ الرِّزْقِ وَغَذَّاهُمْ بِهِ مِنْ نُعَيْمِ الْعَيْشِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ مِنْهُمْ لِذَلِكَ عَلَيْهِ، وَمَعَ مَا نَبَّهَهُمْ عَلَيْهِ وَدَعَاهُمْ إِلَيْهِ مِنَ الْأَسْبَابِ الْمُؤَدِّيَةِ إِلَى دَوَامِ الْخُلُودِ فِي دَارِ الْمَقَامِ فِي النَّعِيمِ الْمُقِيمِ. فَلِرَبِّنَا الْحَمْدُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ أَوَّلًا وَآخِرًا. وَبِمَا ذَكَرْنَا مِنْ تَأْوِيلِ قَوْلِ رَبِّنَا جَلَّ ذِكْرُهُ وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ [الفاتحة: ٢] جَاءَ الْخَبَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " قَالَ جِبْرِيلُ لِمُحَمَّدٍ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ " قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " ⦗١٣٦⦘ الْحَمْدُ لِلَّهِ: هُوَ الشُّكْرُ، وَالِاسْتِخْذَاءِ لِلَّهِ، وَالْإِقْرَارِ بِنِعْمَتِهِ وَهِدَايَتِهِ وَابْتِدَائِهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ "