وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم
[الشورى: 52]. فكيف يأتي هذا الاختلاف مع أن القائل هو الله. نقول: عندما تسمع هذه الآيات اعلم أن الجهة منفكة.. يعني ما نفى غير ما أثبت.. ففي غزوة بدر مثلا أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حفنة من الحصى قذفها في وجه جيش قريش. يأتي القرآن الكريم إلى هذه الواقعة فيقول الحق سبحانه:
وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى..
[الأنفال : 17]. نفي للحدث وإثباته في الآية نفسها.. كيف رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم.. مع أن الله تبارك وتعالى قال:
وما رميت..
[الأنفال: 17]؟! نقول إنه في هذه الآية الجهة منفكة، الذي رمى هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن الذي أوصل الحصى إلى كل جيش قريش لتصيب كل مقاتل فيهم هي قدرة الله سبحانه وتعالى. فما كان لرمية رسول الله صلى الله عليه وسلم حفنة من الحصى يمكن أن تصل إلى كل جيش الكفار، ولكن قدرة الله هي التي جعلت هذا الحصى يصيب كل جندي في الجيش. أما قول الحق سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم:
وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم
[الشورى: 52]، فهي هداية دلالة. أي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبليغه للقرآن وبيانه لمنهج الله قد دل الناس - كل الناس - على الطريق المستقيم وبينه لهم. وقوله تبارك وتعالى:
إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشآء
[القصص: 56].. أي إنك لا توصل الهداية إلى القلوب لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يهدي القلوب ويزيدها هدى وإيمانا. ولذلك أطلقها الله تبارك وتعالى قضية إيمانية عامة في قوله:
Неизвестная страница