136

Толковый Коран Аль-Тари Аль-Джами

تفسير القرآن الثري الجامع

Жанры

سورة البقرة [٢: ١٢٥]
﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِىَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾:
﴿وَإِذْ﴾: ظرف زمان، واذكر إذ جعلنا، أو واذكر حين جعلنا.
﴿جَعَلْنَا الْبَيْتَ﴾: البيت الحرام؛ أي: الكعبة.
﴿مَثَابَةً لِلنَّاسِ﴾: مثابة: اسم مكان؛ مآبًا ومرجعًا للحجاج والعمار.
﴿مَثَابَةً﴾: من ثاب يثوب مثابًا بمعنى: رجع، وزيدت فيه التاء؛ للمبالغة في كثرة الثيب إليه، يثوبون إليه من كل حدب وصوب، ومن كل فجٍّ عميق، المرة تلو الأخرى. ﴿لِلنَّاسِ﴾: اللام لام الاختصاص. النّاس: ارجع إلى الآية (٢١) من نفس السورة للبيان.
﴿وَأَمْنًا﴾: مأمنًا، وملجأً آمنًا فيه سكون وطمأنينة؛ كقوله: ﴿حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ﴾ [العنكبوت: ٦٧].
﴿وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾ [آل عمران: ٩٧].
﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِمَ مُصَلًّى﴾:
﴿وَاتَّخِذُوا﴾: وجعلوا. من: لابتداء الغاية.
﴿مَقَامِ إِبْرَاهِمَ﴾: الحجر؛ الذي قام عليه إبراهيم ﵇، أيام كان يبني الكعبة؛ حيث احتاج إبراهيم إلى حجر ليرقى عليه ليواصل البناء، فالمقام؛ مكان قيامه، أو وقوفه.
﴿مُصَلًّى﴾: مكان للصلاة، تصلون خلفه ركعتي الطواف.
﴿وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِىَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾:
﴿وَعَهِدْنَا﴾: العهد؛ تكليف وأمر، فقد يكون من طرف واحد.
ولم يُسند العهد في القرآن إلَّا لله وحده، والعهد أقوى من الوصية، والعهد موثق.
﴿إِلَى إِبْرَاهِمَ وَإِسْمَاعِيلَ﴾: إلى إبراهيم ﵇ وإسماعيل بن إبراهيم، وإسماعيل؛ اسم أعجمي، لفظ إسماعيل وإسماعين.
﴿أَنْ﴾: حرف مصدري، يفيد التّوكيد.
﴿طَهِّرَا بَيْتِىَ﴾: من الأوثان، الرجس ومخلفات الذبح، ومخلفات الهدي؛ هذا في القديم، أما الآن؛ فلله دره في نظافته وطهارته.
﴿طَهِّرَا بَيْتِىَ لِلطَّائِفِينَ﴾: اللام لام الاختصاص، الطائفين: جمع طائف، مأخوذة من الطواف، وهو الدوران حول الكعبة سبع مرات.
﴿وَالْعَاكِفِينَ﴾: جمع عاكف، والاعتكاف (الإقامة) في المسجد، للصلاة والعبادة مدَّة من الزمن، فالعاكفون هم الملازمون للمسجد الحرام، سواء أكانوا من أهل مكة أو من الزائرين.
﴿وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾: جمع راكع؛ أي: المصلون. والسجود يشمل الظاهر الذي نراه والسجود الباطن الخفي الذي يعني الخشوع والخضوع لله تعالى، وأما ركعًا سجدًا كما في سورة الفتح آية (٢٩) سجدًا تعني: كثرة السجود والمداومة عليه.
ولنقارن كلمة ﴿مَقَامِ﴾: الّتي وردت في هذه الآية، مع كلمة: مَقَام ومُقَام.
مَقام: بفتح الميم مع التشديد؛ تعني: مكان القيام، أو الوقوف أو العمل، وزمن البقاء فيه قصيرًا، مثال ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِمَ مُصَلًّى﴾ [البقرة: ١٢٥].
وأما كلمة مُقام: بضم الميم؛ فهو مكان الإقامة والسكن، وزمن البقاء فيه طويل، مثال: ﴿إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا﴾ [الفرقان: ٦٦].
مَقام: فتح الميم؛ المنزلة والمكانة، مثال: ﴿وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ﴾ [الصافات: ١٦٤].
وفي هذه الآية؛ قال -جل وعلا-: ﴿طَهِّرَا بَيْتِىَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾.
وفي سورة الحج الآية (٢٦): ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِىَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾، ذكر القائمين بدلًا من العاكفين؛ لأنه سبق ذكر العاكفين.
في الآية (٢٥) حين قال تعالى: ﴿الَّذِى جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ﴾؛ أي: سواء العاكف: المقيم فيه، من أهل مكة، أو القادم إليه؛ كزائر، ولكونه جاء بذكر العاكفين فلم يكرر، وأبدلها بكلمة القائمين.
﴿وَالْقَائِمِينَ﴾: في الصلاة، أو قيل: المقيمون بمكة.
﴿وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾: ذكرهما؛ لأنهما أهم أركان الصلاة، وفيه عطف الخاص؛ أي: الركع السجود على العام (القائمين)؛ لإظهار أهمية الركوع والسجود. وقال الركع السجود، ولم يقل الركع السُّجَّد؛ لأن السجود يعني: السجود الظاهري، والسجود الباطني (الخشوع)، وأما السُّجَّد: فهو يدل على السجود الظاهر فقط، وقوله الركع السجود: تدل على التكثير؛ أي: كثرة الركوع والسجود.

1 / 132