271

Тафсир аль-Мунтасир аль-Каттани

تفسير المنتصر الكتاني

Жанры

معنى قوله تعالى: (وصرفنا فيه من الوعيد)
وقوله: ﴿وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا﴾ [طه:١١٣].
بين الله هذا الكتاب العربي وفصله وأوضحه مجملًا ومفصلًا، وأوعد به من لم يؤمن به من جميع الناس، عربهم وعجمهم، وأنذرهم بالنار خالدين فيها، وأنذرهم باللعنة والطرد من الرحمة إن لم يؤمنوا بهذا الكتاب أنه وحي من الله، ويؤمنوا بهذا النبي العربي الهاشمي رسولًا.
فقوله: ﴿وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ [طه:١١٣].
أي: صرف الله في القرآن للناس وبين وأوضح لعلهم يتقون الذنوب والمعاصي والفواحش فلا يرتكبونها ولا يقربونها بحال، ويجعلون بينهم وبين المعاصي وقاية وحاجزًا، ويقومون بما أمر الله به من توحيده وطاعته وطاعة نبيه، وما أمر به من عبادات، وحسن معاملة، ومن صلة أرحام، وإحسان للمسلمين، والوقوف يدًا واحدة في وجوه أعداء الله وأعداء رسوله والإسلام.
قوله: ﴿لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا﴾ [طه:١١٣].
المعنى: لعلهم يرعوون ويعودون إلى الله تائبين منيبين، ويحدث لهم ذكر، والذكر الشرف، أي: يحدث لهم شرف الطاعة والإيمان، وشرف اليقين، وشرف العبودية لله والإيمان برسوله ﷺ، ومنه: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ﴾ [الزخرف:٤٤] أي: شرف لك أن الله ﷻ اختارك للرسالة العامة، ولقومك أنهم كانوا جندك وأنصارك والمهاجرين معك، والذين بذلوا أنفسهم لأجل الإسلام.
مات ﷺ والإسلام لم يخرج بعد من جزيرة العرب، وما خرج وفتحت الدنيا إلا على يد أصحابه من المهاجرين والأنصار، فكان محمد رسول الله إلى العرب والناس كافة، وكان أصحاب رسول الله صلوات الله وسلامه عليه رسل رسول الله إلى غير العرب.
وما مات ﷺ وذهب للرفيق الأعلى حتى كان العرب جميعًا قد أسلموا، ولم يبق منهم كافر، ومن جاء بعد وزعم أنه نصراني أو يهودي فقد كذب، لأن هؤلاء قوم كانوا من أجناس أخرى فتعلموا العربية وأصبحوا يقولون إنهم عرب بلا دين بلا إسلام، وهم كذابون.
أما عمر فقد فتح الشام وفتح العراق وفتح مصر وفتح المغرب وفتح بلاد فارس، حيث بشر النبي ﷺ في حياته عندما مزق كسرى رسالة النبي ﵊: (مزق الله ملكه كما مزقها، لا فارس بعد فارس، ولا كسرى بعد كسرى).
وهكذا ما كادت تمضي سنوات على الوفاة النبوية ويأتي عبقري الخلفاء الفاروق عمر حتى خضعت فارس للإسلام، فلم يبق فيها إلا مسلم أو ذمي، وبقيت هكذا وإلى عصرنا، فهي ولاية من ولايات المسلمين، وجزء من العالم الإسلامي.

43 / 4