﴿وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ﴾ (^١).وإنّما قال هاهنا: بلى؛ للجحود الذي قبله.
وهو قوله: ﴿(لَنْ تَمَسَّنَا النّارُ)﴾ والسبب هنا الشّرك.
قوله تعالى: ﴿وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ﴾. قرأ أهل المدينة: «(خطيئاته)» بالجمع. وقرأ الباقون: «(خطيئته)» على الواحد. والإحاطة: الإحداق بالشّيء من جميع نواحيه؛ أي سدّت عليه طريق النّجاة؛ ومات على الشّرك. وقيل: السّيّئة: الذّنب الذي وعد عليه العقاب. والخطيئة: الشّرك. ولا بدّ أن تكون الخطيئة أكبر من السيئة؛ لأن ما أحاط بغيره كان أكبر منه.
وأصل بلى: بل؛ وهو لردّ الكلام الماضي؛ وإثبات كلام آخر مبتدأ؛ وإنّما زيدت اللام لتحسين الوقف. وقيل: أصله: بل لا؛ فخففت. وقال الربيع بن خيثم في معنى قوله: «(وأحاطت به خطيئاته)»:هو الّذي يصرّ (^٢) على خطيئة قبل أن يموت، ومثله قال عكرمة. وقال مقاتل: يعني أصرّ عليها. وقال الكلبيّ: معنى ﴿(وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ)﴾ أي أوبقته ذنوبه.
قوله تعالى: ﴿فَأُولئِكَ أَصْحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٨١) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ﴾ (٨٢)، ظاهر المعنى.
قوله ﷿: ﴿وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ؛﴾ أي أخذنا عليهم في التوراة العهد الشديد: ﴿لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ؛﴾ بالتاء قرأ ابن كثير وحمزة والكسائيّ؛ وقرأ الباقون بالياء. قال أبو عمرو: ألا ترى ﴿(وَقُولُوا لِلنّاسِ)﴾ فدلّت المخاطبة على التّاء. قال الكسائي: إنّما ارتفع ﴿(لا تَعْبُدُونَ)﴾ لأنّ معناه: أخذنا ميثاق بني إسرائيل أن لا تعبدون إلاّ الله. فلمّا ألقى (أن) رفع، ومثله: لا يسفكون دماءكم، ونظيره قوله تعالى: ﴿قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ﴾ (^٣) يريد: أن أعبد؛
(^١) الأعراف ٤٤/.
(^٢) في المخطوط: (يموت) ولا ينسجم من كلام المصنف. والمناسب (يصرّ) فأثبتناه.
(^٣) الزمر ٦٤/.