195

Тафсир Ахмеда Хатиба

تفسير أحمد حطيبة

Жанры

تفسير قوله تعالى: (وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء) الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين. قال الله ﷿ في سورة الحج: ﴿وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ * وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ * ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ * ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ [الحج:٥ - ١٠]. لما ذكر الله ﷾ من آياته خلقه ﷾ الإنسان، وكيف أن الله خلق الإنسان من نطفة ثم من علقة وكان قبل ذلك ترابًا، ثم جعله مضغة، ثم جعله بعد ذلك جنينًا في بطن أمه، وأقره ما يشاء ﷾، ثم أخرجه طفلًا ثم بلغ الأشد، فمراحل تكوين الإنسان التي يراها كل إنسان، يرى كيف يكون حملًا في بطن أمه، ثم يزداد هذا الحمل شيئًا فشيئًاَ، ثم ينزل هذا الجنين من بطن أمه طفلًا، ومنهم من ينزل حيًا، ومنهم من ينزل ميتًا، ومنهم من يبلغ أشده ويتوفى، ومنهم من يبلغ إلى أرذل العمر. يقول ﷾: ﴿وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ﴾ [الحج:٥]، ترى أرضًا جامدة، وأرضًا هامدة، وأرضًا يابسة جافة ينزل عليها الماء من السماء، فإذا بالله ﷿ يحييها بما أودع فيها ﷾ من أسرار خلقه في بذور النبات، وفي جذوره وسيقانه، وإذا بهذه الأرض تنبت وتربو وتعلو، وينتفخ باطن الأرض بما فيها من بذور ومن نبات ومن جذور، وبدأت تعلو هذه الأرض. وقوله تعالى: ﴿وَرَبَتْ﴾ [الحج:٥] هذه قراءة الجمهور، وقراءة أبي جعفر (وربأت) بمعنى ارتفعت الأرض، وهنا حصل فيها اهتزاز بما كبر بداخلها من بذور، وبما نمى بداخلها من جذور، وعلت الأرض فانتفخت وربت. وقال تعالى: ﴿وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ﴾ [الحج:٥] فترى أمامك الأرض الواحدة والماء الواحد الذي نزل من السماء، وإذا بالله يخرج من هذه الأرض فواكه شتى مشتبهًا وغير متشابه، والخلاق سبحانه ﵎ ينوع للخلق ما يشاء سبحانه، والإنسان يتفكر في ذلك، كيف أن الله خلق له ذلك ليتفكه به، وجعل له قوتًا من هذه الأرض، أفلا يشكر الله ﷾، ويعرف هذه الآيات، ويعرف أن خالقها هو الله وحده، المعبود وحده لا شريك له؟! فقوله تعالى: ﴿وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ﴾ [الحج:٥]، زوج هنا بمعنى: لون أو صنف، أي: أصناف بهيجة تعجب الناظرين، فيطعمها الإنسان فيجد الطعم اللذيذ من كل الطعوم، جعلها الله ﷾ لهذا الإنسان، فلو كان شيئًا واحدًا لمل الإنسان من هذا الشيء، ولكن جعل الله له من كل لون ومن كل صنف، فيأكل ويستمتع بما أخرج الله ﷾ ويشكر ربه سبحانه.

18 / 2