182

Тафсир Ахмеда Хатиба

تفسير أحمد حطيبة

Жанры

بين يدي سورة الحج الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين. قال الله ﷿ في سورة الحج: بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ * وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ * كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ﴾ [الحج:١ - ٤]. هذه هي السورة الثانية والعشرون من كتاب الله سبحانه ﵎، وهي سورة الحج، والتسمية لما ذكر فيها من أمر المناسك. هذه السورة: آياتها أربع وسبعون آية على العد الشامي، وخمس وسبعون آية على العد البصري، وست وسبعون آية على العد المدني، واختلاف العد هو للاختلاف في أماكن الوقوف على رءوس الآية. قيل: إنها مكية إلا ثلاث آيات، وقيل: بل هي مدنية إلا أربع آيات، والراجح أنها مكية مدنية، بعض آياتها نزلت في مكة، وبعض آياتها نزلت في المدينة. هذه السورة ميزت على غيرها من السور بأن فيها سجدتي تلاوة، سجدة في أولها، وسجدة في آخرها، فمن قرأها فليسجد السجدة الأولى وليسجد السجدة الثانية، وجاء حديث عن النبي ﷺ في إسناده ضعف أنه قال: (فضلت سورة الحج بسجدتين، من لم يسجدهما فلا يقرأهما) وينبغي لمن قرأ السجدة في القرآن كله أن يسجد استحبابًا وليس على سبيل الوجوب. ذكر الغزنوي أن هذه السورة من أعاجيب السور في أمر نزولها، وما اشتملت عليه من أحكام ومن حكم، فقال: نزلت ليلًا ونهارًا، يعني: فيها آيات نزلت على النبي ﷺ بالليل وآيات أخرى نزلت عليه بالنهار، سفرًا وحضرًا، يعني: نزل بعضها وهو مسافر ﷺ، ونزل بعضها وهو مقيم ﷺ بالمدينة، مكيًا ومدنيًا يعني: فيها آيات مكية وآيات مدنية، فمن المكي فيها قوله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾ [الحج:١]، ومن المدني فيها قوله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمُ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الحج:٧٧]، فإن من سمات السور المدنية النداء بقوله: (يا أيها الذين آمنوا). قال: سلميًا وحربيًا، يعني فيها آيات السلم وفيها آيات الحرب، قال: ناسخًا ومنسوخًا، محكمًا ومتشابهًا. هذه السورة بدأها الله سبحانه ﵎ بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾ [الحج:١] وهذه الجملة من سمات السور المكية التي نزلت في العهد المكي، خلال الثلاث عشرة سنة التي كان النبي ﷺ في مكة.

16 / 2