207

Иршад аль-Акль ас-Салим

تفسير أبي السعود

Издатель

دار إحياء التراث العربي

Место издания

بيروت

Жанры

тафсир
أي من عرَفةَ لا من المزدَلِفة والخطابُ لقريش لمّا كانوا يقفون بجمعٍ وسائرُ الناس بعرَفةَ ويرَوْن ذلك ترفعًا عليهم فأُمروا بأن يساووهم وثمَّ لتفاوتِ ما بينَ الإفاضتين كما في قولك أحسِنْ إلى الناس ثم لا تُحسِنْ إلا إلى كريم وقيل من مزدلفةَ إلى مِنىً بعد الإفاضةِ من عرَفة إليها والخطابُ عام وقرئ الناسِ بكسر السين أي الناسي على أن يراد به آدمُ ﵇ من قوله تعالى فَنَسِىَ والمعنى أن الإفاضةَ من عرفه شرعٌ قديم فلا تغيِّروه
﴿واستغفروا الله﴾ من جاهليتكم في تغيير المناسكِ
﴿إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ يغفرُ ذنبَ المستغفِر ويُنعِمُ عليه فهو تعليلٌ للاستغفار أو للأمر به
﴿فإذا قضيتم مناسككم﴾ عباداتكم المتعلّقةَ بالحج وفرَغتم منها
﴿فاذكروا الله كذكركم آباءكم﴾ أي فاكثِروا ذكرَه تعالى وبالغوا في ذلك كما تفعلون بذكر آبائِكم ومفاخرِهم وأيامِهم وكانت العربُ إذا قضَوْا مناسكهم وقفوا بمنىً بين المسجد والجبل فيذكرون مفاخِرَ آبائِهم ومحاسِنَ أيامِهم
﴿أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا﴾ إما مجرورٌ معطوفٌ على الذكر بجعله ذاكرًا على المجاز والمعنى فاذكروا الله ذكرًا كائنًا مثلَ ذكرِكم آباءَكم أو كذكرٍ أشدَّ منه وأبلغَ أو على ما أضيفَ إليهِ بمعنى أو كذكر قومٍ أشدَّ منكم ذكرًا أو منصوبٌ بالعطف على آباءَكم وذكرًا من فعل المذكور بمعنى أو كذكركم أشدَّ مذكورٍ من آبائكم أو بمضمرٍ دلَّ عليهِ تقديرُه أو كونوا أشدَّ ذكرًا لله منكم لآبائكم
﴿فَمِنَ الناس﴾ تفصيلٌ للذاكرين الى من لا يطلب بذكر الله الا الدنيا وإلى من يطلُب به خيرَ الدارَيْن والمرادُ به الحثُّ على الإكثار والانتظامِ في سلك الآخَرين
﴿مَن يِقُولُ﴾ أي في ذكره
﴿ربنا آتِنا في الدنيا﴾ أي اجعل إيتاءَنا ومِنحَتَنا في الدنيا خاصة
﴿وَمَا لَهُ فِى الأخرة من خلاق﴾ أي من حظَ ونصيبٍ لاقتصار همِّه على الدنيا فهو بيانٌ لحاله في الآخرة أو من طلبِ خَلاقٍ فهو بيانٌ لحاله في الدنيا وتأكيدٌ لقصر دعائه على المطالب الدنيوية
﴿وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنا في الدنيا حسنةً﴾ هي الصِّحةُ والكَفاف والتوفيقُ للخير
﴿وَفِي الاخرة حَسَنَةً﴾ هي الثوابُ والرحمة
﴿وَقِنَا عَذَابَ النار﴾ بالعفو والمغفرةِ وروى عن عليَ ﵁ أن الحسنةَ في الدنيا المرأةُ الصالحة وفي الآخرةِ الحوراء وعذابُ النار امرأةُ السوءِ وعن الحَسَن أن الحسنةَ في الدنيا العلمُ والعبادة وفي الآخرة الجنة وقنا عذابَ النار معناه احفظنا من الشهوات والذنوب المؤدِّية إلى النار
﴿أولئك﴾ إشارةٌ إلى الفريق الثاني باعتبار اتصافِهم بما ذُكر من النعوتِ الجميلةِ وما فيه من معنى البعد لمامر مرارًا من الإشارة إلى علوِّ درجتِهم وبُعْدِ منزلتِهم في الفضلِ وقيل إليهما معًا فالتنوينُ في قولِهِ تعالَى
﴿لَهُمْ نَصِيبٌ مّمَّا كَسَبُواْ﴾ على الأول للتفخيم وعلى الثاني للتنويعِ أي لكل منهم نوع نصيب

1 / 209