وفتشا متاع الرجل بعد موته فأخذا ما أعجبهما فيه ، ثم رجعا بالمال إلى أهل الميت . فلما فتش القوم المال افتقدوا بعض ما خرج به صاحبهم معه . ونظروا في الوصية فوجدا المال فيها تاما . فكلموا تميما وصاحبه فقالوا : هل باع صاحبنا شيئا أو اشترى شيئا فوضع فيه؟ قالا : لا . فقالوا : هل مرض فطال مرضه فأنفق على نفسه؟ فقالا : لا . فقالوا : إنا نفتقد بعض ما أبدى به صاحبنا ، فقالا : لا علم لنا بالذي أبدى به ولا بما كان في وصيته ، ولكنه دفع إلينا المال فبلغناه كما هو . فرفعوا الأمر إلى رسول الله A فنزلت هذه الآية . فقدما فحلفا عند منبر رسول الله A دبر صلاة العصر ، فخلى سبيلهما . فاطلع على إناء من فضة منقوش مموه بذهب عند تميم ، فقالوا : هذا من آنية صاحبنا التي كانت مع صاحبنا ، وقد زعمتما أنه لم يبع شيئا ولم يشتره . قالا : لا ، فإنا كنا قد اشتريناه منه فنسينا أن نخبركم به . فرفع أمرهما إلى رسول الله A فأنزل الله هذه الآية : { فإن عثر على أنهما استحقا إثما فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين } . فقام رجلان من أولياء الميت ، يزعمان أنهما عبد الله بن عمر والمطلب بن أبي رفاعة ، فحلفا بالله إن ما في وصيته حق ، وإن خيانة بتميم وصاحبه . فأخذ تميم وصاحبه بما وجد في وصيته لما اطلع عليه عندهما من الخيانة لقول الله : { ذلك أدنى } ، أي أجدر ، { أن يأتوا بالشهادة على وجهها } . . . إلى آخر الآية .
وبعضهم يقول : هي منسوخة . لا يحلف الشاهدان اليوم؛ إن كانا عدلين جازت شهادتهما ، وإن لم يكونا عدلين لم تجز شهادتهما . قال الله في سورة البقرة : 282 : { واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء } وقال في سورة الطلاق : 2 : { وأشهدوا ذوي عدل منكم } ولم يجعل على الشاهد أن يحلف . ولا يستوجب المدعي بنفسه الحق ، إن شهد له شاهدان ذوا عدل قضي له ، وإن لم تكن له بينة استحلف له المدعى عليه .
ذكروا عن ابن عباس في قوله : { وءاتيناه الحكمة وفصل الخطاب } [ ص : 20 ] قال : البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه .
ذكروا أن رسول الله A قال : « المدعى عليه أولى باليمين إذا لم تكن بينة » .
ذكروا أن مجاهدا قال : هو أن يموت المؤمن فيحضر موته مؤمنان أو كافران ، لا يحضر غير اثنين . فإن رضي ورثته عما غابا عليه من تركته فذاك ، وإلا حلف الشاهدان أنهما صادقان ، فإن عثر ، أي : إن وجد لطخ أو لبس أو سبة ، حلف اثنان من الأوليين من الورثة فاستحقا وأبطلا أيمان الشاهدين .
قال : { واتقوا الله واسمعوا والله لا يهدي القوم الفاسقين } أي المشركين الذين يموتون على شركهم .
Страница 336