164
قوله : { لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلوا عليهم ءاياته ويزكيهم } أي : يصلحهم { ويعلمهم الكتاب } أي القرآن { والحكمة } يعني السنة . { وإن كانوا من قبل } أي من قبل أن يأتيهم النبي عليه السلام { لفي ضلال مبين } .
قوله : { أولما أصابتكم مصيبة } أي يوم أحد { قد أصبتم مثليها } أي : يوم بدر . { قلتم أنى هذا } أي : من أين هذا؟ من أين أوتينا ونحن مؤمنون والقوم مشركون . وقال بعضهم : { أنى هذا } أي : كيف هذا؟ { قل هو من عند أنفسكم } أي : بمعصيتكم؛ أي بمعصيتهم رسول الله ، حيث أمرهم ألا يتبعوا المدبرين ، وبأخذهم الفدية من أهل بدر في تفسير الحسن . { إن الله على كل شيء قدير } .
قوله : { وما أصابكم يوم التقى الجمعان } أي جمع المؤمنين وجمع المشركين يوم أحد ، وقد فسرناه قبل هذا الموضع { فبإذن الله } [ أي الله أذن في ذلك ] أي عاقبكم الله بذلك . { وليعلم المؤمنين وليعلم الذين نافقوا } وهذا علم الفعال . { وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا } أي كثروا السواد { قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم } قال الله : { هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان } أي إنهم كفروا .
قال الحسن : وإذا قال الله أقرب فهو اليقين ، أي إنهم كافرون . كقوله : { وأن تعفوا أقرب للتقوى } [ البقرة : 237 ] أي : والعفو هو من التقوى . كذلك النفاق هو من الكفر ، وهو كفر فوق كفر وكفر دون كفر . وقد يقول القائل لخصمه : حجتي أقرب إلى الحق من حجتك ، أي : إن حجتي حق ويقين ، وحجتك باطل وضلال .
وقال الكلبي : { قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم } : كانوا ثلاثمائة منافق رجعوا مع عبد الله بن أبي فقال لهم [ أبو ] جابر عبد الله : أناشدكم الله في نبيكم وذراريكم ودينكم ، فقالوا : والله لا يكون قتال اليوم ، ولو نعلم قتالا لاتبعناكم يقول الله : { هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان } .
{ يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم } أي : يقولون الإيمان بألسنتهم وقلوبهم مضمرة على ترك الوفاء بما أقروا به من القول والعمل . { والله أعلم بما يكتمون } أي من ترك الوفاء بالعمل بالذي أقروا به من القول والعمل .
Страница 197