18
قوله : { شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط } . فيها تقديم وتأخير . يقول : شهد الله أنه لا إله إلا هو قائما بالقسط ، أي بالعدل ، وشهد الملائكة وشهد أولو العلم ، وهم المؤمنون . { لا إله إلا هو العزيز الحكيم } العزيز في ملكه ، بعزته ذل من دونه . وبعضهم يقول : العزيز في نقمته ، الحكيم في أمره .
قوله : { إن الدين عند الله الإسلام } هو كقوله : { ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه } [ آل عمران : 85 ] . قال : { وما اختلف الذين أوتوا الكتاب } وكانوا على الإسلام { إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا } أي حسدا { بينهم ومن يكفر بآيات الله } من بعدما جاءته ، أي جاءهم ما عرفوا فكفروا به . { فإن الله سريع الحساب } يعني عذابه؛ إذا أراد أن يعذبهم لم يؤخرهم عن ذلك الوقت؛ هذا في تفسير الحسن . وقال مجاهد : يعني إحصاءه عليهم .
قوله : { فإن حاجوك فقل أسلمت } أي : أخلصت { وجهي } أي ديني { لله ومن اتبعن } أي من اتبعني أسلم وجهه لله . { وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين } يعني مشركي العرب ، وكانت هذه الأمة أمية ليس لها كتاب من السماء تقرأه ، حتى أنزل الله القرآن . { ءأسلمتم } يقول : أأخلصتم لله ، أي أقررتم وأقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة؟ على الاستفهام . قال : { فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا } عن ذلك { فإنما عليك البلاغ } أي في الحجة تقيمها عليهم . { والله بصير بالعباد } أي بأعمال العباد ، بصير بهم .
قوله : { إن الذين يكفرون بآيات الله } يعني بدين الله في تفسير الحسن . وقال بعضهم يقول : بالقرآن . { ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط } أي بالعدل { من الناس فبشرهم بعذاب أليم } أي موجع .
ذكر بعض المفسرين قال : ذكر لنا أن عيسى لما رفع انتخبت بنو إسرائيل أربعة من فقهائهم فقالوا للأول : ما تقول في أمر عيسى . فقال : هو الله ، هبط إلى الارض ، فخلق ما خلق ، وأحيى ما أحيى ، ثم صعد إلى السماء؛ فتابعه على ذلك أناس من الناس ، فكانت اليعقوبية من النصارى . فقال الثلاثة الآخرون : نشهد إنك كاذب . فقالوا للثاني : ما تقول في أمر عيسى؟ قال : هو ابن الله؛ فتابعه على ذلك أناس من الناس ، فكانت النسطورية من النصارى؛ فقال الاثنان : نشهد إنك كاذب . فقالوا للثالث : ما تقول في عيسى؟ فقال : هو إله وأمه إله ، والله إله . فتابعه على ذلك أناس من الناس . فكانت الإسرائيلية من النصارى؛ فقال الرابع : أشهد إنك كاذب ، ولكنه عبد الله ورسوله ، ومن كلمة الله وروحه ، فاختصم القوم ، فقال المسلم : أناشدكم الله ، هل تعلمون أن عيسى كان يطعم الطعام . فقالوا : اللهم نعم . قال : فهل تعلمون أن عيسى كان ينام والله لا ينام؟ قالوا : اللهم نعم . فخصمهم المسلم فاقتتل القوم . وذكروا لنا أن اليعقوبية ظفرت يومئذ ، وأصيب المسلمون ، فأنزل الله : { إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم } .
Страница 148