291

Тафсир Ибн Бадиса

تفسير ابن باديس ((في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير)).

Редактор

علق عليه وخرج آياته وأحاديثه أحمد شمس الدين.

Издатель

دار الكتب العلمية بيروت

Издание

الأولى

Год публикации

١٤١٦هـ - ١٩٩٥م.

Место издания

لبنان.

Жанры

من أول الأمر، إذ ليس المؤلم المتوقع كالمؤلم الذي يصدم عن مفاجأة، وأعظم منه الذي يصدم مع توقع ضده، كما هنا: فإن المتوقع منهم بعد الإنذار البالغ بالبرهان الساطع، هو إيمان أكثرهم لا كفره.
﴿حَقَّ﴾ وجب وثبت. ﴿الْقَوْلُ﴾ قول الله فيهم بما سبق في علمه أنهم لا يؤمنون. ﴿فَهُمْ﴾ أي أكثرهم.
نفى الإيمان عنهم نفيًا مؤكدًا بالإخبار عن ضميرهم بجملة لا يؤمنون. وقرنت الجملة بالفاء السببية؛ لتفيد أن من سبق في علم الله عدم إيمانه لا يرجى إيمانه بحال؛ فارتباط الثاني بالأول ارتباط لا انفكاك له.
المعنى:
لقد وجد وثبت ما سبق في علم الله، في أكثرهم، وما كان في قوله بعدم إيمانهم؛ فلا يرجى من ذلك الأكثر- الذي سبق في علم الله عدم إيمانه- إيمان.
سؤال:
ما مات النبي- ﵌ حتى عَرَجَ (١) الإسلام جزيرة العرب ودخل الناس في دين الله أفواجًا، ولا شك أن الذين ماتوا على الكفر هم الأقل بالنسبة لمن آمنوا، فما معنى قوله تعالى: ﴿حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ﴾؟.
جوابه:
الذين قام النبي- ﵌ بإنذارهم وأقام بين ظهرانيهم مكررًا للنذارة عليهم صباح مساء، مدة ثلاث عشرة سنة، هم أهل مكة؛ فهم الذين تتعين إرادتهم من الضمير في قوله تعالى: ﴿أَكْثَرِهِمْ﴾ ولا شك أن أكثر من أنذرهم النبي- ﵌ من أهل مكة ماتوا على الكفر.
سؤال على هذا الجواب:
هذا يقتضي أن المراد بلفظة "قومًا" المتقدمة: أهل مكة مع أن المفسرين فسروها بالعرب.
جوابه:
نسلم بهذا، ويكون تفسير "قومًا" بالعرب نظرًا لمماثلتهم لأهل مكة في وجوب إنذارهم، باعتبار مشاركتهم لهم في الوصف، وهو غفلتهم لعدم إنذار آبائهم.
لا حجة لمن مات على كفره بما سبق من علم الله فيه:
قامت حجة الله على خلقه بما ركب فيهم من عقل، وما مكنهم من اختيار، وما نصب لهم (٢) من آيات مشاهدات، وما أرسل إليهم من رسل بآيات بينات.

(١) عرج: ارتفع وعلا (المعجم الوسيط: [ص:٥٩١]).
(٢) كانت في الأصل المطبوع: "لها".

1 / 299