Тафсир Садра Мутаалихина
تفسير صدر المتألهين
Жанры
[عذاب الكفار وخلودهم في النار]
اتفق أهل الإسلام، على أنه يحسن من الله تعذيب الكفار وقال بعضهم: لا يحسن، أما الفرقة الأولى، فمستندهم ادلة سمعية كالكتاب والخبر والإجماع، وأما الفرقة الثانية فمستندهم دلائل عقلية.
الأول: انه سبحانه هو الخالق للدواعي التي توجب المعاصي، وذلك لحكمة النظام ومصلحة الخلائق، لما مر من أن الناس لو كانوا كلهم صلحاء مؤمنين خائفين من عقاب الله، لاختل نظام الدنيا، وبطلت أسباب المعيشة، ولما بينا ان صدور الفعل عن قدرة العبد، يتوقف على انظمام الداعية من العلم والإرادة وغيرها، وبعد انضمام الداعي يجب صدور الفعل، وحصول الداعي ليس بقدرته، وإلا لكان للداعي داع آخر، ويعود الكلام جذعا فيتسلسل، وهو محال، أو ينتهي الى داع حصل بخلق الله لا بقدرة العبد، فإذا كان الله هو الخالق للدواعي الشيطانية التي توجب المعاصي، فيكون هو الملجئ إليها فيقبح منه أن يعاقب عليها.
وربما قرروا هذا بوجه آخر وقالوا: إذا كانت التكاليف الشرعية قد جاءت الى شخصين، فقبلها أحدهما فأثيب، وخالفها الآخر فعوقب، فإذا سئل: لم أطاع هذ وعصى الآخر؟
فيجاب: لأن المطيع أحب الثواب وحذر العقاب، والعاصي لم يحب ولم يحذر، أو لأن هذا أصغى الى من وعظه وفهم عنه مقالته، فأطاع، وهذا لم يصغ ولم يفهم، فعصى.
فيقال: ولم أحب الخير هذا وأصغى وفهم، ولم يكن الآخر كذلك ولم يفهم؟
فيجاب: لأن هذا حازم لبيب فطن، وذاك أخرق جاهل غبي.
فيقال: ولم خص هذا بالعقل والفطنة دون ذاك؟ ولا شك أن الفطنة والبلادة من الأحوال الغريزية، فإذا تناهت التعليلات الى أمور خلقها الله اضطرارا، فعلم أن سبب الطاعة والعصيان، والتوفيق والحرمان، من الأشخاص، أمور واقعة عليها بقضاء الله وتقديره.
وعند هذا يقال: أين من العدل والرحمة أن يخلق في عبد من الفظاظة والقساوة والغباوة والطيش والخرق ما يوجب عنه صدور العصيان، ثم يعاقب عليه، وهذه مما هو مجبول عليه، كما جبل على أضدادها الطائع.
وأين من العدل أن يسخن قلب العاصي ويقوي غضبه ويلهب دماغه ويكثر طيشه، ولا يرزقه ما يرزق المطيع من أستاذ سليم، ومؤدب عليم، وواعظ مبلغ، وناصح شفيق، بل يقيض له أضداد هؤلاء في أفعالهم وأخلاقهم، فيكتسب منهم ما يكسبه المطيع، ثم يؤاخذه بما يؤاخذ به اللبيب الحازم العالم، البارد طبيعة الراس، الصبور، المعتدل مزاج القلب، الزكي، اللطيف الروح، الدراك، يقظان النفس، الحازم. ما هذا من العدل والكرم والرحمة، فثبت بهذا أن القول بالعقاب على خلاف قضية العقول.
Неизвестная страница