[الإسراء: 100] قوله تعالى: { أم يحسدون الناس } يعني يحسدون رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والمؤمنين على ما آتاهم من النصرة والغلبة، قوله تعالى: { فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة } الذين هم أسلاف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنه ليس ببدع أن يؤتيه الله مثل ما أوتي أسلافه، وعن ابن عباس: الملك في آل إبراهيم ملك يوسف وداوود وسليمان، قوله تعالى: { فمنهم } فمن اليهود { من آمن به ومنهم من } أنكر نبوته، أو من آل إبراهيم من آمن بإبراهيم ومنهم من كفر، قوله تعالى: { بدلناهم جلودا غيرها } بدلناهم إياها، قال جار الله، فإن قلت: كيف يعذب بالجلود العاصية جلودا لم تعص؟ قلت: العذاب للجملة الحساب لله وهي التي عصت لا للجلد، وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
" تبدل جلودهم كل يوم سبع مرات "
، وعن الحسن (رضي الله عنه): كل يوم سبعين مرة يبدلون جلودا بيضا كالقراطيس، قوله تعالى: { ليذوقوا العذاب } أي ليدوم لهم ذوقه ولا ينقطع { وندخلهم ظلا ظليلا } يريد ظل الجنة، قوله تعالى: { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } الخطاب عام لكل أحد في كل أمانة، وقيل: نزلت في عثمان بن طلحة بن عبد الدار وكان سادن الكعبة وذلك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حين دخل مكة يوم الفتح أغلق عثمان باب الكعبة وصعد السطح فأبى أن يدفع المفتاح إليه وقال: لو علمت أنه رسول الله لم أمنعه فلوى علي بن أبي طالب يده وأخذ المفتاح منه وفتح ودخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الكعبة وصلى ركعتين فلما خرج سأله العباس أن يعطيه المفتاح ويجمع له السقاية والسدانة فنزلت الآية فأمر عليا (عليه السلام) أن يرده إلى عثمان ويعتذر إليه فقال عثمان لعلي: أكرهت وأذيت ثم جئت تترفق، فقال: " لقد أنزل الله في شأنك قرآنا " وقرأ عليه الآية، فقال عثمان: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، فهبط جبريل (عليه السلام) وأخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن السدانة في أولاد عثمان أبدا، وقيل: هو خطاب للولاة بأداء الأمانات والحكم بالعدل، قوله تعالى: { إن الله نعما يعظكم به } قال جار الله: قيل: نعم شيء يعظكم به أو نعم الشيء الذي يعظكم به، والمخصوص بالمدح محذوف أي نعما يعظكم به ذلك وهو المأمور به من أداء الأمانات والعدل في الحكم.
[4.59-63]
قوله تعالى: { يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } عن ابن عباس أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعث خالد بن الوليد في سرية فيهم عثمان فلما دنوا هربوا غير رجل كان قد أسلم فأتى العسكر فاستجار عمارا فأجاره عمار وأمره أن يقيم وإذا بخالد أخذ ذلك الرجل وماله فقال عمار: خل سبيله فإنه مسلم وقد أمنته، فقال خالد: أنت تجير علي وأنا الأمير وجرى بينهما كلام وانصرفوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأخبروه القصة فأجاز أمان عمار ونهى أن يجير على أمير بغير إذنه فنزلت الآية، وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم):
" من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن يطع أميري فقد أطاعني "
وقيل: هم العلماء الذين يعلمون الناس الدين ويأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر، قوله تعالى: { فإن تنازعتم في شيء } فإن اختلتفم أنتم وأولو الأمر منكم في شيء من أمور الدنيا والدين، قوله تعالى: { فردوه إلى الله } أي ارجعوه إلى الكتاب والسنة { ذلك خير } إشارة إلى الرد إلى الكتاب والسنة { وأحسن تأويلا } أحسن عاقبة، وقيل: أحسن تأويلا من تأويلكم أنتم ولا تلزم الطاعة لأمراء الجور، قوله تعالى: { ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك } الآية قيل: نزلت في رجل من المنافقين اسمه بشر كان بينه وبين يهودي خصومية فقال اليهودي: انطلق بنا إلى محمد، وقال المنافق: إلى كعب بن الأشرف، وكان يسمى الطاغوت، فأبى اليهودي فأتيا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقضى لليهودي، فلما خرجا قال المنافق لليهودي لا أرضاه وأتيا عمر فقصا عليه القصة فقال عمر للمنافق: كذلك هو، قال: نعم، قال: رويدكما حتى أخرج فدخل بيته وأخذ سيفه وخرج فقتل المنافق، وقال: هكذا أقضي على من لم يرض بقضاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فاجتمع قوم وشكوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مما صنع عمر فقال: " لم قتلته؟ " فقال: لأنه لم يرض بقضائك فنزلت الآية، قوله تعالى: { وقد أمروا أن يكفروا به } قرأ عباس بن الفضل (رضي الله عنه ): أن يكفروا بها ذهابا بالطاغوت إلى الجمع والله أعلم { فكيف } يكون حالهم فكيف يصنعون يعني أنهم يعجزون عند ذلك فلا يصدرون أمرا ولا يوردونه { إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم } من التحاكم إلى غيرك واتهامهم لك في الحكم { ثم جاؤوك } حين يصابون فيعتذرون إليك { ويحلفون } ما { أردنا } بتحاكمنا إلى غيرك { إلا إحسانا } لا إساءة { وتوفيقا } { فأعرض عنهم } لا تعاقبهم لمصلحة في استبقائهم ولا ترد على كفرهم بالموعظة ولا النصيحة عما عليه قاله جار الله { وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا } يعني أبلغهم أن ما في نفوسهم معلوم عند الله وأن الله يعلم ما في قلوبكم لا يخفى عليه شيء ولا يغني عنكم ابطانه فأصلحوا أنفسكم.
[4.64-68]
{ وما أرسلنا من رسول } قط { إلا ليطاع بإذن الله } سبب إذن الله في طاعته وبأنه أمرا للمبعوث إليهم بأن يطيعوه ويتبعوه { ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك } قيل:
" إن قوما من المنافقين ائتمروا على مكيدة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأتاه جبريل فأخبره فقال: ان قوما دخلوا يريدون أمرا لا ينالوه فليقوموا فليستغفروا الله حتى نستغفر لهم فلم يقوموا فقال: ألا تقومون؟ فلم يفعلوا، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " قم يا فلان " حتى عد اثني عشر رجلا فقاموا وقال: " إخرجوا عني "
Неизвестная страница