وعن علي (عليه السلام): " أفضل الجهاد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " قوله تعالى: { ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا } هم اليهود والنصارى { من بعد ما جاءهم البينات } الموجبة للاتفاق، وقيل: هم مبتدعو هذه الأمة، وهم المحبرة والمشبهة والحشوية، قوله تعالى: { يوم تبيض وجوه } البياض من النور، والسواد من الظلمة، فمن كان من أهل نور الحق وسم ببياض اللون وابيضت صحيفته وأشرقت، ويسعى النور بين يديه وبيمينه، ومن كان من أهل الظلمة وسم بسواد اللون وأحاطت به الظلمة من كل جانب، قيل: هم بنو قريظة والنضير، وقيل: هم أهل البدع والأهواء { أكفرتم بعد إيمانكم } فيقال لهم: أكفرتم والهمزة للتوبيخ والتعجيب من حالهم، والظاهر أنهم أهل الكتاب وكفرهم بعد الإيمان تكذيبهم لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد اعترافهم به قبل مجيئه، وعن عطا: تبيض وجوه المهاجرين والأنصار وتسود وجوه بني قريظة والنضير، وقيل: هم المرتدون، وقيل: هم أهل البدع والأهواء، وقيل: هم الخوارج، قوله تعالى: { ففي رحمة الله هم فيها خالدون } أي ففي نعمة الله وهي الثواب المخلد، قوله تعالى: { تلك آيات الله } الواردة في الوعد والوعيد { نتلوها عليك } بما يستوجبانه المحسن والمسيء { وما الله يريد ظلما للعالمين } على معنى ما يريد شيئا من الظلم لأحد من خلقه، فسبحان من يحلم على من يصفه بإرادة القبائح والرضى بها، قوله تعالى: { كنتم خير أمة } قيل: كنتم في علم الله خير أمة، وقيل: كنتم في أمم من قبلكم مذكورين بأنكم خير أمة، والآية نزلت في المهاجرين، وقيل: في أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله تعالى: { لن يضروكم إلا أذى } الآية نزلت في اليهود يقول لمن طعن في دين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) { وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار } منهزمين ولا يضرونكم { ثم لا ينصرون } لا نصر لهم، وعاقبة أمرهم إلى الذل والخذلان، قوله تعالى: { ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس } المعنى: ضربت عليهم الذلة في جميع الأحوال إلا في حال اعتصامهم بحبل الله وحبل الناس يعني: ذمة الله وذمة المسلمين { وباءو بغضب من الله } أي رجعوا بغضب من الله استوجبوه، قوله تعالى: { وضربت عليهم المسكنة } كما تضرب البيت على أهله فهم ساكنون في المسكنة غير ضاعنين عنها، وهم اليهود عليهم لعنة الله وغضبه لأنهم كفروا بنبي الحق، قوله تعالى: { ذلك بأنهم } أي ذلك { كانوا } بسبب عصيانهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء.
[3.113-117]
قوله تعالى: { ليسوا سواء من أهل الكتاب } الآية، قيل: لما أسلم عبد الله بن سلام وجماعة معه، قال أحبار اليهود: ما آمن بمحمد إلا أشرارنا ولو كان من أخيارنا ما ترك دين الآباء فنزلت، وقيل: إنها نزلت في قوم كانوا يصلون بين المغرب والعشاء، وقيل: أنها نزلت في أربعين رجلا من أهل نجران واثنين وثلاثين من الحبشة وثمانية من الروم وكانوا على دين عيسى وصدقوا بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) { يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون } يعني يجتهدون في تلاوة القرآن في ساعات الليل مع السجود، وقيل: أراد صلاة العشاء لأن أهل الكتاب لا يصلونها، وعن ابن مسعود:
" أخر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صلاة العشاء، ثم خرج المسجد فإذا الناس ينتظرون الصلاة فقال: " أما أنه ليس من الأديان أحد يذكر الله هذه الساعة غيركم " وقرأ هذه الآية "
، قوله تعالى: { وما يفعلوا من خير فلن يكفروه } أي لن تحرموا أجره { إن الذين كفروا لن تغني } نزلت في مشركي قريش، قيل: هو عام، قوله تعالى: { مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح } الآية نزلت في أبي سفيان وأصحابه في يوم بدر عند تظاهرهم على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقيل: نزلت في جميع الكفار في نفقاتهم وصدقاتهم في الدنيا، وقيل: هو عام وهو ما كانوا ينفقون من أموالهم في المفاخر والمكارم وكسب الثناء وحسن الذكر من الناس، لا يبتغون به وجه الله تعالى، وقيل: هو ما كانوا يتقربون به إلى الله تعالى مع كفرهم، وقيل: هو ما أنفقوه في عداوة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فضاع عنهم، ومعنى: { حرث قوم } يريد زرع قوم شبهه بالزرع الذي يحسه الرد فذهب حطاما، { وما ظلمهم الله } بأن لم يقبل نفقاتهم { ولكن أنفسهم يظلمون } بأن لم يطلبوا ما عند الله ولأصحاب الحرث الذين ظلموا أنفسهم، أي وما ظلمهم بهلاك زرعهم، ولكن ظلموا أنفسهم بارتكاب ما استحقوا به العقوبة.
[3.118-122]
قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة } نزلت في قوم من المؤمنين كانوا يصافون المنافقين ويخالطونهم فنهوا عن ذلك، وقيل: في قوم صافوا اليهود، قوله تعالى: { لا يألونكم خبالا } الخبال: الفساد { ودوا ما عنتم } أي تمنوا أن يضروكم في دينكم ودنياكم أشد الضرر، قوله تعالى: { قد بدت البغضاء من أفواههم } يعني أنه قد بدا منهم ما يعلم به بغضهم للمسلمين، قوله تعالى: { وما تخفي صدورهم } أكبر مما هم يظهرون في المؤمنين من الطلب لهلاكهم، قوله تعالى: { ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم } أخبر الله تعالى أنكم تعاملونهم بالنصيحة وليس في محبتكم لهم غش لأنكم دعوتهم إلى اتباع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، قوله تعالى: { وتؤمنون بالكتاب كله } محكمه ومتشابهه { وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ } البنان والأبهام، قوله تعالى: { قل موتوا بغيظكم } دعاء عليهم، قوله تعالى: { وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال } الآية نزلت يوم أحد، قال ابن اسحاق: كان مما أنزل الله تعالى يوم أحد من القرآن ستون آية من آل عمران بها صفة ما كان في يومهم ذلك ومعاتبة من عاتب، ومعنى من أهلك بالمدينة من بيت عائشة،
" وروي أن المشركين نزلوا بأحد يوم الأربعاء، فاستشار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أصحابه ودعا عبد الله بن أبي سلول ولم يدعه قط فاستشاره، فقال عبد الله وسائر الأنصار: يا رسول الله اقم بالمدينة ولا تخرج منها فوالله ما خرجنا منها الى عدو قط إلا أصاب منا، وما دخلها علينا إلا أصبنا منه، فكيف وأنت فينا، فإن جاؤوا قاتلناهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين، وقال بعضهم: يا رسول الله أخرج بنا إلى هؤلاء الأكلب لا يرون أنا قد جبنا عنهم، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " إني رأيت في منامي بقرا مذبحة حولي فأولها خيرا ورأيت في ذباب سيفي ثلمة فأولته هزيمة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعونهم " فقال رجال من المسلمين قد فاتهم بدر وأكرمهم الله بالشهادة يوم أحد: أخرج بنا إلى أعدائنا، فلم يزالوا به حتى دخل فلبس لامة حربه، فلما رأوه ندموا وقالوا: بئس ما صنعنا نشير على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والوحي يأتيه، فقالوا: يا رسول الله إصنع ما رأيت، فقال: " لا ينبغي لنبي أن يلبس لامة حربه فيضعها حتى يقاتل " فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم الجمعة وأصبح في الشعب من أحد يوم السبت، وجعل يصف أصحابه للقتال، وجعل ظهره وعسكره إلى أحد، وأمر عبد الله بن جبير على الرماة وقال لهم: " انضحوا عنا بالنبل لا يأتونا من ورائنا " وكان مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ألف والمشركون في ثلاثة آلاف، وقد وعدهم الله الفتح إن صبروا فانحرل عبد الله بن أبي وأصحابه ورجع من الطريق وقال: يا قوم علام نقتل أنفسنا وأولادنا، فتبعه رجل من الأنصار طلب برده، فقال: ما حكى الله لو نعلم قتالا لأتبعناكم "
، قوله تعالى: { إذ همت طائفتان منكم } وهم حيان من الأنصار، بنو سلمة، وبنو حارثة، والظاهر أنها ما كانت إلا همة وحديث نفس، وعن ابن عباس (رضي الله عنه): اظهروا أن يرجعوا فثبتوا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
[3.123-133]
Неизвестная страница