فاضربوا فوق الأعناق
[الأنفال: 12] وكذا عين سبحانه نصيب الأبوين، فقال: { ولأبويه } أي: لأبوي المتوفى { لكل واحد منهما السدس مما ترك } المتوفى { إن كان له ولد } ذكرا أو أنثى { فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث } وللأب الباقي، هذا إذا لم يكن له غير الأب والأم وارث.
{ فإن كان له إخوة } للمتوفى { فلأمه السدس } أي: تردون الأم من الثلث إلى السدس بخلاف الأب، فإنهم لا يرثون معه هذه القسمة والأنصباء المعينة { من بعد } إخراجه { وصية يوصي بهآ } من ماله للفقراء { أو } قضاء { دين } كان في ذمته، وهما أيضا بعد تجهيزه وتكفينه، ثم أشار سبحانه إلى أن أمر الميراث وتعيين الأنصباء أمر تعبدي، ليس لكم أن تتخلفوا عنها؛ لمقتضى ميلكم وظنكم، إلى أن تورثوا بعض الورثة وتحرموا الآخر، بل لكم ألا تفاوتوا بينهم، سواء كانوا { آبآؤكم وأبناؤكم }.
إذ { لا تدرون } ولا تعلمون جزما { أيهم أقرب لكم نفعا } في الدار الآخرة عند الله فعليكم ألا تتجاوزوا عن قسمة الله، بل انقادوا لها واعتدوها { فريضة } مقدرة { من } عندن { الله } صادرة عن محض العلم و الحكمة { إن الله } المصلح لأحوال عباده { كان عليما } بمصالحهم { حكيما } [النساء: 11] في ترتيبها وتدبيرها.
[4.12]
{ ولكم } أيها الذكور { نصف ما ترك أزوجكم } من الإناث { إن لم يكن لهن ولد } منكم أو من غيركم، أو ولد ولدس وإن سفل { فإن كان لهن ولد } أو ولد ولد كما ذكر { فلكم الربع مما تركن } هن أيضا { من بعد } تنفيذ { وصية يوصين بهآ } للفقراء { أو } أداء { دين } لازم عليهن { ولهن } أي: للنساء الوارثات { الربع مما تركتم } أيها الأزواج { إن لم يكن لكم ولد } منها أو من غيرها، أو ولد ولد مثل ما مر { فإن كان لكم ولد } على التعميم المذكور { فلهن الثمن مما تركتم } ذلك أيضا { من بعد } تنفيذ { وصية توصون بهآ } تقربا إلى الله { أو } قضاء { دين } لزم على ذمتكم.
{ وإن كان } المتوفى { رجل يورث } منه، وكان { كللة } ليس لها والد ولا ولد { أو امرأة } كذلك { وله } للرجل { أخ أو أخت } لأم؛ لأن حكم الأخ والأخت من الأبوين أو من الأب سيجيء في آخر السورة، فلا بد أن يصرف ها هنا إلى ما صرف { فلكل واحد منهما السدس } من ماله { فإن كانوا } أي: الإخوة والأخوات من الأم { أكثر من ذلك فهم } بأجمعهم { شركآء في الثلث } على السوية؛ لاشتراك السبب بينهم، ذلك أيضا { من بعد } إخراج { وصية يوصى بهآ أو دين } يقتضى فعليكم أيها الحكام أن تتخذوا هذه القسمة { غير مضآر وصية } عهدا صادرا، ناشئا { من الله } لإصلاح أحوال عباده { والله } المصلح بين عباده { عليم } بمصالحهم { حليم } [النساء: 12] لا يعجل بالانتقام على من امتنع عن حكمه.
[4.13-14]
{ تلك } المذكورات من الأمور المتعلقة بأحوال الأموات { حدود الله } الموضوعة بينكم أيها المؤمنون بالله ورسوله { ومن يطع الله } في امتثال أوامره واجتناب نواهيه { ورسوله } في جميع ما جاء به من عند ربه من الأمور المتعلقة؛ لتهذيب الظاهر والباطن من الكدورات البشرية والعلائق الدينية { يدخله } الله بفضله ولطفه { جنات } منتزهات التوحيد وهي اليقين العلمي والعيني والحقي { تجري من تحتها الأنهار } أنهار المعارف الجزئية من عالم الغيب إلى عالم الشهادة، وهم لا يتحولون عنها، بل صاروا { خالدين فيها } أبدا { وذلك } أي: الخلود فيها، هو { الفوز العظيم } [النساء: 13] والفضل الكريم، طوبى لمن فاز من الله بالفوز العظيم.
{ ومن يعص الله } بإنكار الأوامر، والإصرار على النواهي { ورسوله } بالتكذيب والإيذاء وعدم الإطاعة { ويتعد حدوده } الموضوعة بين عباده { يدخله } الله باسمه المنتقم { نارا } هي نار البعد والطرد عن كنفه وجوده، فصار { خالدا فيها } أبدا { وله } بعصيانه وإصراره عليه { عذاب مهين } [النساء: 14] يبعده عن ساحة عن الحضور.
Неизвестная страница