ثم قال سبحانه مخبرا عن أحوال المكذبين أيضا: { كذبت عاد المرسلين } [الشعراء: 123] جمعه على الوجه الذي ذكر في تكذيب نوح، وإنما أنث باعتبار القبيلة وعاد اسم ابيهم.
وقت { إذ قال لهم أخوهم هود } حين رأى منهم ما هو من أمارات الكفر والفسوق عن مقتضى الاستقامة الموضوعة بينهم بوضع إلهي: { ألا تتقون } [الشعراء: 124] من بأس الله أيها المفرطون المسرفون، ولا تحذرون عن قهره وانتقامه أيها الجاهلون.
{ إني لكم رسول أمين } [الشعراء: 125] مرسل إليكم من عنده؛ لأبلغكم ما أرسلت به من قبل الحق من الأوامر والنواهي المصلحة لأحوالكم، المبعدة عن غضب الله إياكم وقهره.
{ فاتقوا الله } الغالب القادر على أنواع الانتقامات { وأطيعون } [الشعراء: 126] فيما أمرت لكم بوحي الله وإلهام من الأمور المهذبة لأخلاقكم.
{ ومآ أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين } [الشعراء: 127].
من جملة تربيته: إرسال الرسل على المنحرفين عن سبيل الاستقامة من المنصرفين عن طريق توحيده { أتبنون } وتعمرون أيها المسرفون المستكبرون { بكل ريع } تلال مرتفعة من الأرض { آية } تستدلون بها في سلوككم نحو مقاصدكم ومناهجكم، مع أن النجوم الزهرات؛ إنما خلقت لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر، وأنتم بوضعكم هذه الآيات والعلامات { تعبثون } [الشعراء: 128] وترتكبون فعلا لا فائدة لكم فيها أصلا.
{ و } أيضا من جملة كبركم وخيلائكم: إنكم { تتخذون مصانع } أي: منابع الماء والقوانيت، أو قصورا عاليات وأبنية شامخات مجصصه مشيدة { لعلكم تخلدون } [الشعراء: 129] وتؤملون الخلود في دار الابتلاء والغرور؛ لذلك تحكمون بناءكم وتشيدونها.
{ و } من كماف استكباركم وتجبركم { إذا بطشتم } وأخذتم أحدا بجريمة صدرت عنه { بطشتم جبارين } [الشعراء: 130] متجبرين متكبرين، خارجين عن مقتضى الحد الإلهي؛ الموضوع للتأديب والتعزير.
{ فاتقوا الله } المنتقم الغيور ألا يأخذكم على أمثال هذا الاجتراء على عباده والظلم عليها { وأطيعون } [الشعراء: 131] في نصحي وتذكيري؛ لتنجوا من سخط الله وعضبه.
{ و } بالجملة: { اتقوا } القادر العليم الحكيم { الذي أمدكم } ونصركم { بما تعلمون } [الشعراء: 132] من أنواع النعم، وأصناف الكرم الفائضة عليكم.
Неизвестная страница