{ حتى إذا فتحنا عليهم بابا } من البلاء والعناء { ذا عذاب شديد } وهو القحط المفرط؛ إذ هو من أصعب العقوبات وأسوئها { إذا هم فيه مبلسون } [المؤمنون: 77] متحسرون آيسون من كل خير، ومع ذلك لم يتوجهوا إلينا ولم يتضرعوا.
{ و } كيف لا تشكرون نعمه سبحانه مع أنه { هو الذي أنشأ } وأظهر { لكم السمع والأبصار } من المشاعر التي تتحفظون بها نفوسكم من الأعاي الخارجة عنكم { والأفئدة } أي: القلوب التي تتحفظون بها نفسوكم عن الأعادي الداخلة من التخيلات الباطلة والتوهمات الزائفة والزائلة المخزرفة المموهة من الرياء والرعونات وأنواع التلبيسات والتدليسات مع أنكم { قليلا ما تشكرون } [المؤمنون: 78] أي: ما تشركون لهذه النعم الجليلة إلا قليلا منكم.
{ و } كيف لا تشكرون نعمه سبحانه مع أنه { هو الذي ذرأكم } أي: أوجدكم وأظهركم من كتم العدم في النشأة الأولى، وبث نسلكم ونسبكم { في الأرض } تترفهون فيها وتتنعمون ورزقكم فيها من أنواع الطيبات { و } في النشأة الأخرى { إليه } لا إليى غيره؛ إذ لا وجود للغير { تحشرون } [المؤمنون: 79] وترجعون رجوع الأمواج إلى البحر.
{ و } كيف لاتحشرون إليه سبحانه { هو الذي يحيي } ويظهر أشباحكم من العدم بامتداد أظلال أسمائه وصفاته ويبسطها على مرايا انعدام الإعدام { ويميت } بانقهارها وقبض الأضلال عنها { و } من جملة قبضه وبسطه: إن { له } سبحانه ويمقتضى مشيئته وإرادته { اختلاف الليل والنهار } طولا وقصرا، ضوءا وظلمة { أفلا } تتفكرون وتتأملون أيها المجبولون على التفكر والتدبر حتى { تعقلون } [المؤمنون: 80] وتدركون كيفيفة ظهور الحق وإظهاره مظاهر أسمائه الحسنى وصفاته العليا.
[23.81-90]
وهؤلاء الضالون المضالون لا يتفكرون، ولا يعقلون مع وضوح الدلائل والشواهد { بل قالوا } من الهذيانات الباطة { مثل ما قال الأولون } [المؤمنون: 81] من آبائهم وأسلافهم تقليدا لهم؛ حيث { قالوا } مستنكرين مستبعدين على مواعيد الحق في النشأة الأخرى: { أإذا متنا } وانقرضنا عن الدنيا { وكنا ترابا وعظاما } بالية { أإنا لمبعوثون } [المؤمنون: 82] مخرجون من القبور أحياء مثل ما كنا عليه قبل موتنا؟!.
كلا وحاشا لا حياة إلا هذه الحياة التي كنا عليها في دار الدنيا، مع أنا { لقد وعدنا نحن } على لسان من جاءنا بادعاء الرسالة والنبوة { و } قد وعد أيضا { آبآؤنا هذا } الموعود المخصوص على لسان من جاء بهم { من قبل } وهلم جرا، مع أنا ولا هم لم نر من علامات صدقها وأمارات وقوعها شيئا أصلا.
وبالجملة { إن هذآ } أي: ما هذا الوعد الموعود والقول المعهود، وهو أنكم
إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد
[سبأ: 7] { إلا أساطير الأولين } [الأنبياء 83] أي: أباطيلهم وأكاذيبهم التي سطروها في دواوينهم وكتبهم على وجه السمرة والمخادعة لضفاء الأنام.
Неизвестная страница