71

Тафсир аль-Багави

معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي

Исследователь

حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش

Издатель

دار طيبة للنشر والتوزيع

Номер издания

الرابعة

Год публикации

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

قَرَأَ يَعْقُوبُ "تَرْجِعُونَ" فِي كُلِّ الْقُرْآنِ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالتَّاءِ عَلَى تَسْمِيَةِ الْفَاعِلِ. قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾ لِكَيْ تَعْتَبِرُوا وَتَسْتَدِلُّوا وَقِيلَ لِكَيْ تَنْتَفِعُوا ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَكْثَرُ مُفَسِّرِي السَّلَفِ: أَيِ ارْتَفَعَ إِلَى السَّمَاءِ. وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ وَالْفَرَّاءُ وَجَمَاعَةٌ مِنَ النَّحْوِيِّينَ: أَيْ أَقْبَلَ عَلَى خَلْقِ السَّمَاءِ. وَقِيلَ: قَصَدَ لِأَنَّهُ خَلَقَ الْأَرْضَ أَوَّلًا ثُمَّ عَمَدَ إِلَى خَلْقِ السَّمَاءِ ﴿فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾ خَلَقَهُنَّ مُسْتَوَيَاتٍ لَا فُطُورَ فِيهَا وَلَا صَدْعَ ﴿وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ وَقَالُونُ وَهْوَ وَهْيَ بِسُكُونِ الْهَاءِ إِذَا كَانَ قَبْلَ الْهَاءِ وَاوٌ أَوْ فَاءٌ أَوْ لَامٌ، زَادَ الْكِسَائِيُّ وَقَالُونُ: ثُمَّ هْوَ وَقَالُونُ "أَنْ يُمِلَّ هْوَ" (٢٨٢-الْبَقَرَةِ) .
﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٠)﴾ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ﴾ أَيْ وَقَالَ رَبُّكَ وَإِذْ زَائِدَةٌ وَقِيلَ مَعْنَاهُ وَاذْكُرْ إِذْ قَالَ رَبُّكَ وَكَذَلِكَ كَلُّ مَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ هَذَا النَّحْوِ فَهَذَا سَبِيلُهُ وَإِذْ وَإِذَا حَرْفَا تَوْقِيتٍ إِلَّا أَنَّ إِذْ لِلْمَاضِي وَإِذَا لِلْمُسْتَقْبَلِ وَقَدْ يُوضَعُ أَحَدُهُمَا مَوْضِعَ الْآخَرِ قَالَ الْمُبَرِّدُ: إِذَا جَاءَ ﴿إِذْ﴾ مَعَ الْمُسْتَقْبَلِ كَانَ مَعْنَاهُ مَاضِيًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى "وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ" (٣٠-الْأَنْفَالِ) يُرِيدُ وَإِذْ مَكَرُوا وَإِذَا جَاءَ ﴿إِذَا﴾ مَعَ الْمَاضِي كَانَ مَعْنَاهُ مُسْتَقْبَلًا كَقَوْلِهِ: "فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ" (٣٤-النَّازِعَاتِ) "إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ" (١-النَّصْرِ) أَيْ يَجِيءُ ﴿لِلْمَلَائِكَةِ﴾ جَمْعُ مَلَكٍ وَأَصْلُهُ مَأْلَكٌ مِنَ الْمَأْلَكَةِ وَالْأَلُوكَةِ وَالْأُلُوكِ، وَهِيَ: الرِّسَالَةُ فَقُلِبَتْ فَقِيلَ مَلْأَكٌ ثُمَّ حُذِفَتِ الْهَمْزَةُ طَلَبًا لِلْخِفَّةِ لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهِ وَنُقِلَتْ حَرَكَتُهَا إِلَى اللَّامِ فَقِيلَ مَلَكٌ. وَأَرَادَ بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ كَانُوا فِي الْأَرْضِ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَخَلَقَ الْمَلَائِكَةَ وَالْجِنَّ فَأَسْكَنَ الْمَلَائِكَةَ السَّمَاءَ وَأَسْكَنَ الْجِنَّ الْأَرْضَ فَغَبَرُوا فَعَبَدُوا دَهْرًا طَوِيلًا فِي الْأَرْضِ، ثُمَّ ظَهَرَ فِيهِمُ الْحَسَدُ وَالْبَغْيُ فَأَفْسَدُوا وَقَتَلُوا فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ جُنْدًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ يُقَالُ لَهُمُ: الْجِنُّ، وَهُمْ خُزَّانُ الْجِنَانِ اشْتَقَّ لَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ رَأَسَهُمْ إِبْلِيسَ وَكَانَ رَئِيسَهُمْ وَمُرْشِدَهُمْ وَأَكْثَرَهُمْ عِلْمًا فَهَبَطُوا إِلَى الْأَرْضِ فَطَرَدُوا الْجِنَّ إِلَى شُعُوبِ الْجِبَالِ (وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ) (١) وَجَزَائِرِ الْبُحُورِ وَسَكَنُوا الْأَرْضَ وَخَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُمُ الْعِبَادَةَ فَأَعْطَى اللَّهُ إِبْلِيسَ مُلْكَ الْأَرْضِ، وَمُلْكَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَخِزَانَةَ الْجَنَّةِ وَكَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ تَارَةً فِي الْأَرْضِ وَتَارَةً فِي السَّمَاءِ وَتَارَةً فِي الْجَنَّةِ فَدَخَلَهُ الْعُجْبُ فَقَالَ فِي نَفْسِهِ: مَا أَعْطَانِي اللَّهُ هَذَا الْمُلْكَ إِلَّا لِأَنِّي أَكْرَمُ الْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِ (٢) فَقَالَ الله تعالى ٩/ألَهُ وَلِجُنْدِهِ: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ﴾

(١) زيادة من ب. (٢) ذكر ذلك أيضا الواحدي في التفسير: ١ / ٧٤، وانظر تفسير ابن كثير: ١ / ١٣١-١٣٣ و١٣٨-١٤١، ففيه بعض الروايات، وقد ضعفها ابن كثير ﵀ ونقل ذلك عنه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على الطبري: ١ / ٥٠٥.

1 / 78