Тафсир аль-Багави
معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي
Исследователь
حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش
Издатель
دار طيبة للنشر والتوزيع
Номер издания
الرابعة
Год публикации
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
بِتَصْدِيقِ مَا قُلْنَا فَنَقْتُلُكُمْ مَعَهُ قَتْلَ عَادٍ وَثَمُودَ وَإِرَمَ ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا﴾ يَعْنِي مُحَمَّدًا ﷺ مِنْ غَيْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَعَرَفُوا نَعْتَهُ وَصِفَتَهُ ﴿كَفَرُوا بِهِ﴾ بَغْيًا وَحَسَدًا. ﴿فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾
﴿بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ﴾ بِئْسَ وَنِعْمَ: فِعْلَانِ مَاضِيَانِ وُضِعَا لِلْمَدْحِ وَالذَّمِّ، لَا يَتَصَرَّفَانِ تَصَرُّفَ الْأَفْعَالِ، مَعْنَاهُ: بِئْسَ الَّذِي اخْتَارُوا لِأَنْفُسِهِمْ حِينَ اسْتَبْدَلُوا الْبَاطِلَ بِالْحَقِّ. وَقِيلَ: الِاشْتِرَاءُ هَاهُنَا بِمَعْنَى الْبَيْعِ وَالْمَعْنَى بِئْسَ مَا بَاعُوا بِهِ حَظَّ أَنْفُسِهِمْ أَيْ حِينَ اخْتَارُوا الْكفْرَ ﴿وَبَذَلُوا أَنْفُسَهُمْ لِلنَّارِ﴾ (١) ﴿أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ يَعْنِي الْقُرْآنَ ﴿بَغْيًا﴾ أَيْ حَسَدًا وَأَصْلُ الْبَغْيِ: الْفَسَادُ وَيُقَالُ بَغَى الْجُرْحُ إِذَا فَسَدَ وَالْبَغْيُ: الظُّلْمُ، وَأَصْلُهُ الطَّلَبُ، وَالْبَاغِي طَالِبُ الظُّلْمِ، وَالْحَاسِدُ يَظْلِمُ الْمَحْسُودَ جَهْدَهُ، طَلَبًا لِإِزَالَةِ نِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَنْهُ ﴿أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ أَيِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ ﴿عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾ مُحَمَّدٍ ﷺ، قَرَأَ أَهْلُ مَكَّةَ وَالْبَصْرَةِ يُنْزِلَ بِالتَّخْفِيفِ إِلَّا ﴿فِي سُبْحَانَ الَّذِي﴾ فِي مَوْضِعَيْنِ "وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ" (٨٢-الْإِسْرَاءِ) وَ"حَتَّى تُنَزِّلَ" (٩٣-الْإِسْرَاءِ) فَإِنَّ ابْنَ كَثِيرٍ يُشَدِّدُهُمَا، وَشَدَّدَ الْبَصْرِيُّونَ فِي الْأَنْعَامِ "عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً" (٣٧-الْأَنْعَامِ) زَادَ يَعْقُوبُ تَشْدِيدَ ﴿بِمَا يُنَزِّلُ﴾ فِي النَّحْلِ وَوَافَقَ حَمْزَةَ وَالْكِسَائِيَّ فِي تَخْفِيفِ ﴿وَيُنْزِلُ الْغَيْثَ﴾ فِي سُورَةِ لُقْمَانَ وَحم عسق، وَالْآخَرُونَ يُشَدِّدُونَ الْكُلَّ، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي تَشْدِيدِ "وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ" فِي الْحِجْرِ (٢١) ﴿فَبَاءُوا بِغَضَبٍ﴾ أَيْ رَجَعُوا بِغَضَبٍ ﴿عَلَى غَضَبٍ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ: الْغَضَبُ الْأَوَّلُ بِتَضْيِيعِهِمُ التَّوْرَاةَ وَتَبْدِيلِهِمْ، وَالثَّانِي بِكُفْرِهِمْ بِمُحَمَّدٍ ﷺ وَالْقُرْآنِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: الْأَوَّلُ بِكُفْرِهِمْ بِعِيسَى الإنجيل، وَالثَّانِي بِكُفْرِهِمْ بِمُحَمَّدٍ ﷺ وَالْقُرْآنِ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: الْأَوَّلُ بِعِبَادَةِ الْعِجْلِ وَالثَّانِي بِالْكُفْرِ بِمُحَمَّدٍ ﷺ ﴿وَلِلْكَافِرِينَ﴾ الْجَاحِدِينَ بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ ﴿عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ مُخْزٍ يُهَانُونَ فِيهِ.
﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٩١)﴾
قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ يَعْنِي الْقُرْآنَ ﴿قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا﴾ يَعْنِي التَّوْرَاةَ، يَكْفِينَا ذَلِكَ ﴿وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ﴾ أَيْ بِمَا سِوَاهُ مِنَ الْكُتُبِ كَقَوْلِهِ ﷿ "فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ" (٧-الْمُؤْمِنُونَ) أَيْ سِوَاهُ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: [بِمَا وَرَاءَهُ] (٢) أَيْ: بِمَا سِوَاهُ مِنَ الْكُتُبِ ﴿وَهُوَ الْحَقُّ﴾ يَعْنِي الْقُرْآنَ ﴿مُصَدِّقًا﴾ نَصْبٌ عَلَى الْحَالِ ﴿لِمَا مَعَهُمْ﴾ مِنَ التَّوْرَاةِ ﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّدُ ﴿فَلِمَ تَقْتُلُونَ﴾ أَيْ قَتَلْتُمْ
(١) في الأصل بذله. (٢) وفي ب بما بعده.
1 / 121