مزية تفاسيرهم ولما كانت كتبهم جامعة لما روي عن الصحابة والتابعين في تفسير القرآن، وكانوا يرجحون المشي في النار على القول بالرأي في كتاب الله، لا لعدم البصيرة فيه ولا لغفلة عن خدمته، بل لانه تعالى قد نهى عنه بقوله (لا تقف مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)، ولانه، ﷺ، قد قال: " من فسر القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ "، و" من قال في القرآن بغير علم، فليتبوا مقعده من النار "، ولان أبا بكر الصديق ﵁، قال: " أي سماء تظلني، وإي أرض تقلني، لو قلت في القرآن برأيي ".
فصار تفسير كل واحد من هذه الطائفة منبع الهداية الى ما فهمته الصحابة والتابعتون، ومخزن الدلالة على المنهاج الذي سههل لهم الخوض في مطالبه التي هي الوسيلة الكبري لنهضة العالم المستقيمة.
وبالاسف لم يكن عندنا كتاب في تفسير القرآن لاحد من هذه الطبقة العالية أيضا.
بيد أن أبا جعفر ابن جرير الطبري (م ٣١٠ هـ) قد جمع في تفسيره اكثر مروياتهم، ولعبت بباقيها ايدي الزمان.
لكن الله تعالى قد من علي منة عظمة، وفتح لي بابا واسعا من أبواب الفخر - أعني وجدت في مكتبة رضا برامبور كتابا صغيرا في تفسير القرآن لسفيان الثوري، الذي كان يقول: " سلوني عن المناسك والقرآن، فإني بهما عالم " (١) .
فحمدت الله على هذا الفوز العظيم، وأخذت في تصحيحه وترتيبه وتحشيته، على منوال علمائنا المحققين، وبعد الجهد الطويل المتعب وفقت لان أقدم الى علماء الامة المعاصرين نتائج بحثي وفحصي، فأرجوهم ان يستقبلوه بعين العناية ووجه القبول، والله تعالى هو الموفق والمعين، وهو بالاجابة واعطاء الاجر جدير.
ترجمة المؤلف
هو أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي، أحد الائمة
_________
(١) الجرح ٢ / ٢٢٤.
(٢) قال سبط ابن العجمي في النهاية ١٢١ ب: " ان الحافظ أبا الفرج ابن الجوزي جمع اخبار سفيان في مجلد مفرد.
وعمل له الحافظ الذبي ترجمة مفردة في كراستين ونصف، وله في تاريخ دمشق لابن عساكر ترجمة مطولة ".
(*)
1 / 6