Мышление — исламская обязанность
التفكير فريضة إسلامية
Жанры
ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين [سورة القصص: 5].
فإذا حاقت الهزيمة بالمسلم، وضاعت منه الدولة، واستبيحت عليه حوزته علم أنه قد خسر دنياه ودينه، ولم يبق له من عزاء يطمئن إليه غير الأمل في الخلاص من هذه المهانة، والحذر من الاستغراق فيها، والسكون إليها، وداخله النفور في الغالب، وتباعد عنه وعن عاداته وأحواله بشعوره وتفكيره، فتحرز من محاكاته فيها بدلا من اللهج بها، والولع بمشابهتها كما يحدث من الأمم المغلوبة التي استذلتها الهزيمة، وطمست معالم استقلالها، فراحت تستعير العزة المموهة من محاكاة الظواهر والأشكال قناعة بها عن العزة الصادقة التي تنال بالمقاومة، وإحياء المعالم الدارسة
1 ...
ولعل فيلسوف التاريخ الإسلامي - ابن خلدون - كان أول من نبه المسلمين إلى هذه الخلة في المغلوبين، وعدها من تمام التسليم بالغلبة والهزيمة، فوقر في الأذهان أن محاكاة الغالب في ظواهره وأشكاله أول عوارض الفناء والتسليم بالسيادة على غير أمل في الخلاص ...
فمن حصانة العقيدة الإسلامية استمد المسلم شعور التحرج من العادات الأجنبية، فكان هذا التحرج خيرا بمقدار ما فيه من القضاء على بواعث المحاكاة التي تؤذن بالفناء والتسليم بالسيادة ...
ولكن هذه الحصانة السليمة الكفيلة بالسلامة لمن يعتصمون بها على فهم ودراية لم تلبث أن امتزجت بعوارض الجمود والخمول، فأصابها ما يصيب الفضائل جميعا من المسخ والتشويه كلما خارت العزائم، وسقطت الهمم، ورانت
2
الحيرة على العقول، فتحرج المسلمون الذين أصيبوا بهذه المحنة من محاكاة الغالبين في أسباب القوة واليسر، كما تحرجوا من محاكاتهم فيما يهدد كيان الأمة بالزوال، ويؤذن بمحو المعالم القومية على تتابع الأيام والأحداث ...
واستبد العجز بالنفوس، فخيل إليها أنها تركت باختيارها ما تركته في الواقع عجزا عن المحاكاة، وجهلا بأسبابها، ولا سيما حين تكون هذه الأسباب مما يسوق العجزة المتواكلين قهرا إلى السعي والتوافد على تحصيل العلوم والصناعات.
في هذه الفترة كثر التساؤل عن أمور لم تكن موضوع سؤال في صدر الإسلام، وليست هي موضع سؤال في هذه الأيام، وسمع الاستفتاء بعد الاستفتاء في الكبريت؛ هل يجوز قدحه؟ وعن غاز الاستصباح؛ هل تجوز الإضاءة به في المساجد؟ وعن التليفون؛ هل يجوز وضعه في المعاهد الدينية؟ وعن الجغرافيا وعلوم الطبيعة؛ هل يجوز تعليمها للتلاميذ؟ ولاح لهؤلاء المتحرجين كأنهم يعيشون في هذا العالم في سجن مغلق يخشون أن يمدوا أصبعا إلى شيء فيه؛ فينطلق منه شيطان متربص أو مارد محبوس ...
Неизвестная страница