والأولى في الجواب أن يقال: لما أمر جبريل لإمامة النبي صلى الله عليه وسلم، وأداء الصلوات في أوقاتها معه صار مكلفا بها، ولم يبق متنفلا.
قال العيني في ((البناية شرح الهداية)): ثم إن الشافعية استدلوا بحديث إمامة جبريل لصحة إمامة المتنفل المفترض، وقالوا: إن جبريل كان متنفلا معلما، والنبي صلى الله عليه وسلم مفترض.
قلنا: هذه دعوى، فمن أين لهم أنه كان متنفلا؟
أما كونه معلما فبين.
قالوا: لا تكليف على ملك في هذه الشريعة، وإنما هو على الجن والإنس.
قلنا: هذا لا يعلم عقلا، وإنما علم بالشرع، وجبريل مأمور بالإمامة للنبي صلى الله عليه وسلم، ولم يؤمر غيره من الملائكة، فلما خص بالإمامة جاز أن يخص بالفرضية.
وروي في حديث أبي مسعود في الصحيحين قال: (بهذا أمرت)(1) بضم التاء وفتحها، أما الفتح فظاهر، وأما الضم فيدل على أن جبريل كان مأمورا، ولكن لم يعلم كيفية أمر الله له هل قال له: بلغ قولا أو فعلا، أو كيف شئت؟ ولا يقال: إنه أمره أن يبلغ قولا ويبلغه فعلا؛ لأنه حينئذ يكون مخالفا غير متمثل. انتهى كلامه(2).
تنبيه:
اقتداء النبي صلى الله عليه وسلم بجبريل لا يتوهم منه أن جبريل أفضل من النبي صلى الله عليه وسلم بناء على أن الأحق بالإمامة هو الأفضل؛ وذلك لأنه كان لخصوص التعليم، وهذا كما اقتدى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض صلواته بعبد الرحمن بن عوف، وأبي بكر الصديق؛ لضروة لحقت به، فهل يقال: إنهما أفضل منه.
Страница 61