لو نصرني أحد مثل هذا النصر، لزجرته بأشد الزجر، وهجرته بأسد الهجر، وحجرته(1)عن هذا المكر، ومنعته من هذا الغدر، وعزلته عن منصبه إلى أن يدخل في القبر، ونفيته(2)من بلدتي إلى المكان القفر(3)، وأغرقته في النهر أو البحر، وأحرقته قبل الحشر والنشر.
وقلت له: يا أيها الغافل الباقل، المتكبر مقالا، المتصغر فعالا؛ اخترت توجيه الكلام، بما لا يرضى به قائله، وتمويه المرام بما لا يسعى به عامله، وأضفت إلي وصفا ليس من شأن النبلاء، ونسبت إلي حرفا ليس من شأن الفضلاء، وجعلتني متهما عند كل ثقة، حيث لقبتني بغير ملتزم الصحة، وأخرجتني من زمرة أرباب الرشد والسداد(4)، وأصحاب النقد والرشاد، مستحقا للبعاد، عند العباد، محرقا كالرماد.
ظننت أني أنجو من المهلكة، بمثل هذه المفسدة، وأرفو(5)خرقتي البالية، بمثل هذه الطريقة الغالية.
وقد أخطأت فيما ظننت، وغلطت فيما توهمت، وحق لك أن يقال في حقك: أنت أنف في السماء، وأست(6) في الماء(7)(8).
هذه طريقة مرمية(9)، وغير مرضية، يشبه سالكها بمن بنى بيتا وهدم قصورا مبنية، وبمن فر عن المطر، واستقر تحت الميزابات المجرية.
Страница 24