أبا عامر غسل الله من درن الذنوب قلبك وانبع بالحكمة لبك لم يزل قلبي اليك تواقا والى استماع الموعظة مشتاقا بعثك نورا أعيا الاطباء داؤه وأعجز الواعظين شفاؤه وقد بلغني نفع مراهمك للجراح فلا تال رحمك الله في ايقاع الدرياق وان كان مر المذاق فاني ممن يصبر على الم الدواء لما أرجو من الشفاء قال أبو عامر فنظرت الى منظر بهرني وسمعت كلاما افظعني ففكرت طويلا ثم تأتى من كلامي ما تأتى وسهل من صعوبته ما سهل فقلت يا شيخ ارم ببصر قلبك في ملكوت السماء واجل سمع معرفتك في سكان الارجاء ترى بحقيقة ايمانك جنة المأوى وتشاهد ما أعد الله فيها للأولياء ثم اشرف على لظى وما اعد الله فيها للأشقياء فشتان ما بين الدارين أليس الفريقان في الموت سواء قال أبو عامر فان انة وصاح صيحة وزفر زفرة والتوى وقال وقع والله دواؤك على دائي وأرجو ان يكون عندك شفائي زدني يرحمك الله فقلت له يا أخي ان الله عالم بسريرتك مطلع على خفيتك شاهدك في خلوتك بعينه عند استتارك من خلقه ومبارزته فصاح صيحة اعظم من الأولى ثم قال من لفقري وفاقتي من لذنبي وخطيئتي أنت لي يا مولائي واليك ملجئي ومثواي ثم خر ميتا.
قال أبو عامر: فاسقط في يدي وقلت ما ذا جنيت على نفسي فخرجت جارية عليها مدرعة من صوف وخمار من شعر قد ذهب السجود بانفها وجبهتها واصفر لطول القيام لونها وتورمت قدماها فقالت أحسنت والله يا هادي قلوب العارفين ومثير أشجان المحزونين لا أنسى لك هذا المقام رب العالمين يا أبا عامر هذا أبي ابتلى بالسقم منذ عشرين سنة صلى حتى اقعد وصام حتى انحنى وبكى حتى عمي وكان يتمناك على الله ويقول حضرت مجلس أبي عامر مرة فاحيا موات فكري وطرد وسن نومي وان سمعته ثانيا قتلني فجزاك الله من واعظ خيرا ومتعك من حكمتك بما اعطاك فلقد ارحته مما كان فيه ثم أكبت عليه تقبل عينيه وتبكي وتقول يا ابتاه يا من اعماه البكاء على ذنبه أبي يا ابتاه يا من قتله ذكر وعيد ربه أبي يا أبتاه يا من قتله ذكر ربه أبي يا ابتاه حليف الحرقة والبكاء وحليف الاستغفار والدعاء يا قتيل المذكرين والخطباء يا صريع الوعاظ والحكماء قال أبو عامر فقلت لها أيتها الباكية لحالك والبادية الثكلى ان أباك نحبه قد قضى وورد دار الجزاء وعاين كلما عمل وعليه يحصى في كتاب عند رب لا ينسى فمحسن فله الزلفى أو مسيء فوارد دار من حزن وأسى فصاحت الجارية كصيحة
Страница 334