============================================================
مات القاضي شهاب الدين الطبري جاء إليه من دمشق كتاب من ابن جملة يقول له فيه : "قد بلغنا وفاة القاضي شهاب الدين الطبري، وصليتا عليه صلاة الغائب، وما كان لك سوف يأتيك على ضعفك وإن كرهت" . فقيض الله للقاضي أبي الفضل الشيخ بهاء الدين أبا حامد أحمد بن الشيخ تقي الدين السبكي، فذكره لمدير الدولة بمصر الأمير يلبغا الخاصكي، واثنى عليه خيرا، وكتب محضرا بأهليته لخطابة مكة، وكتب خطه فيه الشيخ بهاء الدين السبكى المذكور، والشيخ شهاب الدين أحمد بن النقيب مؤلف "مختصر الكفاية، والشيخ جمال الدآين عبد الرحيم الاسنوى مؤلف "المهمات"، وعرض الشيخ بهاء الدين المحضر على الأمير يلبغا، فقال : هو ما يصلح لقضاء مكة ؟ مستفهما له، فقال له: نعم. فقال: اكتبوا له بالقضاء والخطابة، فكب له توقيع بقضاء مكة وخطابتها، وجهز مع نجاب إلى مكة، فأتى إلى متزل القاضي أبي الفضل وقال له : لك معي مرسوم، فقال له : ما هو لي ، هو للحرازي قاضي مكة - يعني : تقي الدين - لاستبعاده أن يلي قضاء مكة . فقال له : لا، بل هو لك . وواقعه عليه، فوجد الأمر كما قال النجاب. وشاع ذلك في الناس ، فامتنع القاضي تقي الدين الحرازي من المباشرة، وباشر القاضي ) ابو [154/ب الفضل قضاء مكة وخطابتها من رمضان سنة ثلاث وستين وسبع مثة، واستمر متوليا لقضاء مكة وخطابتها وحسبتها وغير ذلك حتى مات.
ومما وليه من التداريس بمكة درس بشير الجمدار الناصري في الفقه، والدرس الذي قرره الملك الأشرف شعبان صاحب مصر في الفقه، ومدارس سلاطين اليمن بمكة: المنصورية، والمجاهدية، والأفضلية وهو أول من درس بها، ودرس نجم الدين وزير بغداد في الحديث . وولي نظر المدارس الثلاثة ، وكان يحمل إليه من أوقافهم مال جزيل، ويحمل إليه من اليمن أيضا مال جزيل لأجل الخطبة بمكة والنحائر التي ينحرها لصاحب اليمن يوم النحر بينى ، ويعمل المولد في ثاني عشر ربيع الأول، ولثواب ما يهديه إلى صاحب اليمن، وربما بلغ ذلك قريا من ثلاثين ألف درهم غير ما يتعلق بالمدارس. ولم يزل متوليا لتدريسها ونظرها حتى غزل عن ذلك قبل موته بأشهر قليلة، ومات قبل علمه بعزله، فعد ذلك من عادته وكان معظما عند أهل الدولة بمصر، وتصل منهم الكتب إلى أمير مكة السيد أحمد بن 321
Страница 325