وجود دائم أبدا ، ووجود حقيقة يكون الوجوب من لوازمها ، وهو دائم الوجود لم يزل ولا يزال لا ماهية من شأنها أن توجد إذا وجدت لا فى موضوع.
الوجود لا فى موضوع هو غير الموجود لا فى موضوع.
الجوهر حقيقته ماهية ، وواجب الوجود حقيقته آنية لا ماهية. وما لا ماهية له فليس بجوهر ، فواجب الوجود ليس بجوهر ، ولا داخل فى مقولة من المقولات ، فإن كان مقولة ، فوجودها خارج عن ماهيتها ، وزائد عليها. وواجب الوجود ماهيته آنيته ، ليس آنيته زائدة على ماهيته ، بل لا ماهية له غير الآنية ويعنى بالماهية الحقيقة : فما يعنى به الماهية فى سائر الأشياء ، فإنه يعنى به فى واجب الوجود الآنية. فقد بان أن واجب الوجود لا جنس له ، فلا فصل له ، إذ لا شريك له فى الجنس. وإذ لا فصل له ، فلا حد له ، ولا محل له ، فلا موضوع له. وإذ لا سبب له ، فلا جزء له ، فإن الأجزاء سبب الكل. ولا تغير فيه ، فإنه غير قابل ، والتغير يكون بسبب من خارج.
المعنى العام لا وجود له فى الأعيان ، فيكون شخصا ، فإنه لا يكون حينئذ عاما ، وإذا تخصص وجوده ، تخصص بأحد ما يكون من أنواعه ومن أشخاصه فوجد فى الأعيان حينئذ.
صفات الأشياء على أربعة أصناف : أحدها كما يوصف الإنسان بأنه حيوان أو جسم ، وهذه الصفة ذاتية له ، وشرط فى ماهيته. وليس هذه الصفة له بجعل جاعل ، بل هى ذاتية له ، فلا سبب لكونه صفة له ، وذلك مطرد فى جميع الذاتيات. والثاني كما يوصف الشىء بأنه أبيض ، فإنه صفة عرضية ، ويوصف الشىء بالبياض لوجوده فيه ، وهو غير ذاتى له. والثالث كما يوصف بأنه عالم ، فإن العلم هيئة موجودة فى النفس معتبرا معها الإضافة إلى أمر من خارج ، وهو المعلوم. فالعلم أمر من خارج ، كالبياض فى الجسم ، إلا أنه يخالف البياض ، فإن الأبيض لا يصير بالبياض مضافا إلى شىء من خارج. والعالم يصير بهيئة العلم مضافا إلى أمر من خارج ، وهو المعلوم. والرابع مثل الأب واليمين ، فإن الأبوة ليست هى هيئة توجد فى الإنسان ثم تعرض لها الإضافة ، كما كان فى هيأة العلم. وكذلك الأمر فى التيامن ، بل هما نفس الإضافة ، لا هيئة تعرض لها الإضافة ، وهاهنا صفات خارجة عن هذه الأربعة ، وهى بالحقيقة لا صفتية ، كما يوصف الحجر بالموات ، فليس الموات إلا امتناع وجود الحياة فى الحجر. فواجب الوجود
Страница 187