الموجود فى الذهن هو أن الجسم مثلا فى الأعيان جوهر ، ووجوده فى الذهن غير وجوده فى الأعيان. فوجود هذا المعنى فى الذهن ليس بجوهر.
المعقول من ماهية الجوهر هو أثر منها لا نفس الماهية. فوجود هذا المعنى فى العقل هو غير وجود نفس الماهية ، بل هما متباينان. وهذا الوجود هو عرض. وهو وجود ذلك الوجود الذي هو صورة الجوهر. فهو وجود وجود أى وجودان. وجود الجوهر ليس فى موضوع إذا كان فى الأعيان. وليس ينتقل هذا المعنى بأن يكون لوجوده وجود فى الذهن مخالف له ، فإن هذا المعنى هو حقيقة لا تتغير ، وهو أنه إذا كان فى الأعيان لم يكن فى موضوع سواء كان فى الأعيان أو لم يكن. فوجوده فى الذهن هو وجود هذا المعنى منه لا نفس الجوهر.
قد يكون الإنسان فى غفلة عن الشعور بذاته فينبه على ذلك ، فلا يشعر بذاته مرتين. وأما الشعور بالشعور فقد يكون بكسب لا بالطبع.
إدراك أنه أدرك يكون بالعقل أو بالوهم. فإن سائر الحيوان تدرك أنها أدركت وذلك بالوهم.
المتصور من الذوات يكون مرة واحدة ، والعوارض التي تلحق بكل ذات لا تجعل تصور تلك الذات مرتين ، بل مرة واحدة. وإنما اختلفت بأنك أخذتها مرة مع عارض ، وأخرى مع عارض آخر ، وهى متصورة مرة واحدة ، وإذا تصورت نفسى لم أتصور غير نفسى ، ولم أتصورها مرتين. وإذا تصورت نفس زيد مثلا أكون تصورت مع نفسى شيئا آخر .
كل ما أصفه وأقول إنى قد أدركته فيجب أن يسبقه إدراكى لذاتى. فإن قلت : إنى عرفت ذاتى بهذا الشيء يكون قد سبق جهلى بذاتى ، فلم يصح قولى : إنى قد عرفت ذاتى. فإن ما قد عرفت به ذاتى هو ما أعبر عنه بقولى : عرفت. وإذا قلت : «عرفت ذاتى» فيجب أن يكون قد سبق ذلك معرفتك بذاتك.
إذا شعرت بذاتك يجب أن يكون هناك هوية بين الشاعر والمشعور به كما إذا شعرت بزيد مثلا ، وكنت قد عرفت صفاته وأحواله فتجمع بين الاسم والأحوال فتقول هذا الاسم لمن له هذه الصفات والأحوال ، وهذا لا يمكن إدراكه بالحس البصرى ، ومثال ذلك : العسل إذا رأيت لونه أدركت أنه هو ما طعمه كذا. فقد حصلت هناك هوية بين المدرك وبين الذي سبق معرفته ومعرفة أحواله.
Страница 147