من جهة أن الفاعل يفعل لأجلها هى غاية ومن جهة أن الفاعل يصير بسببه بالفعل فاعلا بعد أن كان بالقوة فاعلا خير لأن الخير هو الوجود ، والفعل والشر هو ما بالقوة الذي هو مقترن للعدم.
الاعتراض الواقع فى الغاية هو أنهم قالوا : إن الغاية من الأعراض اللازمة لطبيعة الأجسام ، وكان يجب أن يكون البحث عنها فى العلم الطبيعى لا فى العلم الكلى ، وحيث يكون البحث عن أعراض الأجسام المتحركة والساكنة أو المبحوث عنه فى العلوم هو الأعراض اللازمة لذلك العلم الموضوع. والعلوم الكلية والتعليميات ليس فيها حركة. والغاية إنما هى للحركة ، ونعنى بها ما يتحرك إليه الشىء. والجواب أن النظر هاهنا فى الغاية ليس هو أنها غاية حركة كما ليس النظر هاهنا فى الفاعل على أنه مبدأ حركة ، إذ ليس كل غاية غاية حركة ، ولا كل فاعل مبدأ حركة. ولو كانت الغاية موجودة فى علم مخصص أيضا فليس النظر فيها نظرا مخصصا وإنما ننظر فيها أنها كيفية كان حكمها لو كانت عامة فيجب أن يكون النظر فيها فى العلم الكلى.
الكواكب تتخيل الأشياء فيصير تخيلها سببا لحدوث أشياء ، كما أن حركاتها تكون سببا لحدوث أشياء. وقد يصير تخيلها سببا لإيقاع تخيلات فى نفوسنا فيبعثنا على فعل أشياء وقد يتخيل الأشياء فيصير سببا لأمور طبيعية ، مثل أن يتخيل حرارة الهواء فيحدث فى الهواء حرارة وقد يتخيل فيحدث شيئا لا يتوسط حركة ، أو مع توسط حركة. والكواكب تتصور الحركة الجزئية وما يتأدى (45 ا) إليها الحركة وتقتضيها تلك الحركة فيعقل ما يحدث عن تلك الحركة فلا يعقل ما يحدث عن غير تلك الحركة. ولو كانت تصور غير تلك الحركة لوجب أن تحدث حركتان معا ومقتضاهما. وهذا محال. وتلك الأجرام والنفوس لا تتخيل المحال ، ولا تكون كاذبة البتة والسبب فى الاختلاف الواقع فى التخيل ، وكذب بعضه وصدق بعضه ، إنما يكون بسبب القابل وأنه مستعد لقبول فساد المزاج وفساد التركيب وغلبة الأخلاط بعضها على بعض وتشويش الفكر وخلوه من القوة العقلية كما يكون حالنا فى المنام عند استيلاء القوة الخيالية. وليس فى الفلك شىء من هذا لأن هناك صفاء القابل وقلة العوائق فلا يتخيل إلا الواجبات دون المحالات. وأما الفاعل وهو العقل الفعال المفيض عليه التعقل ، أى التخيل ، فهو واحد فلا يكون من قبله خلاف فى التخييلات.
التأثيرات من نفوس الكواكب فى نفوسنا لا يكون بفعل وانفعال كما يكون بالحركات فإنا نتصور شيئا فيكون لنا ذلك الشىء دفعة كما تتصور لنا صحة أو غثى فيكون
Страница 129