وَكَانَ مِنَ العُلُوْمِ بحَيْثُ يُقْضَى ... لَهُ فِي كُلِّ فَنٍّ بالجَمِيْعِ
وَوَصَفَهُ المَقَّرِيُّ أَيْضًا (١) بِـ"القَاضِي الأَدِيْبِ، والفَيْلَسُوف الأَرَيْبُ ... قَاضِي طُلَيْطُلَةَ" وَلَمَّا أَوْرَدَ اجْتِمَاعَهُ بأبي مَرْوَان عَبْد المَلِكِ بنِ سِرَاجٍ قَال (٢): "وَكَانَا فَرِيْدَيْ عَصْرِهِمَا حِفْظًا وَتَقَدُّمًا" وَقَال مَرَّة أُخْرَى (٣): "وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ هَذَا الرَّجُلِ الفَرْدِ قَبْلَ هَذَا".
طَرَائِفُهُ ومُلَحُهُ:
كَانَ أَبُو الوَليْدِ صَاحِبَ مُلَحٍ وَطُرفٍ ودُعَابَةٍ، خَفِيْفَ الرُّوْحِ، مَرِحًا عَلَى جَلالةِ قَدْرِهِ وَعِلْمِهِ، وَعُلُوِّ مَنْزِلَتِهِ، وَرُبَّمَا أَزْرَى بِهِ ذلِكَ عِنْدَ بَعْضِ طَلَبَةِ الحَدِيْثِ، فَعَدُّوا ذلِكَ خُرُوْجًا عَنِ الوَقَارِ وَالسَّمْتِ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَتَحَلَّى بِهِ العُلَمَاءُ وَطَلَبَةُ العِلْمِ؛ لِذَا لَمَّا لَقِيَهُ القَاضِي أَبُو عَلِيٍّ بِبَلَنْسِيَةِ اسْتَجَازَهْ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، وَقَال: لَمْ يُعْجِبْنِي سَمْتُهُ، قَال القَاضِي عِيَاضٌ: وَلَا أَعْلَمُ أَنَّ القَاضِي حَدَّثَ عَنْهُ بِشَيْءٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّه اسْتَجَازَهُ رِوَايَتَهُ. وَاسْتِجَازَتُهُ الرِّوَايَةَ عَنْهُ دَرَجَةٌ أَضْعَفَ مِنْ السَّمَاعِ بِلا شَكّ لكِنَّ القَاضِيَ أَبَا عَلِيٍّ رَضِيَ بِهَا؛ لأنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَحْضُرُ مَجَالِسَهُ الَّتِي رُبَّمَا خَرَجَ بِهَا عَنِ الوَقَارِ كَمَا أَسْلَفْنَا.
وَمنْ نَوَادِرِهِ: مَا رُويَ أنَّه اجْتَمَعَ هُوَ وَأَبُو مَرْوَان عَبْدُ المَلِكِ بنِ سِرَاجٍ القُرْطُبِيُّ (ت ٤٨٩ هـ) وَكَانَا فَرِيْدَيْ عَصْرِهِمَا حِفْظًا وَتَقدُّمًا، فَتَعَارَفَا وَتَسَاءَلا، ثُمَّ بَادَرَ أَبُو الوَليْدِ بِالسُّؤَالِ وَقَال: كَيْفَ يَكُوْنُ قَوْلُ القَائِلِ: