Еда в древнем мире
الطعام في العالم القديم
Жанры
وأهم العناصر التي يؤكد عليها موسونيوس روفوس في كلامه عن الطعام هي سلامة العقل والتحكم. وتأتي آراء موسونيوس في عجالة، ويقال إنه قد كررها كثيرا وبأسلوب مؤكد، بصفتها ذات أهمية لا يستهان بها. والموضوعات الملائمة هي الأطعمة غير المرتفعة الثمن في مقابل الأطعمة المرتفعة الثمن، والأطعمة المتوافرة بسهولة في مقابل الأطعمة النادرة، والأطعمة «المتجانسة» (أي الأطعمة التي تندرج ضمن الفئة نفسها، ومثال ذلك الطعام المصنوع من النباتات) وتشمل النباتات والحبوب والمنتجات الحيوانية. ومعظمها من الأطعمة التي لا تتطلب الطهي، مثل الفواكه الموسمية والحليب والجبن والعسل؛ وإذا كانت تتطلب الطهي، مثل الحبوب، فإنها تكون مستساغة أيضا. أما فيما يتعلق باللحوم، فهي من الأطعمة الوحشية وتناسب أكثر الحيوانات البرية؛ فهي أطعمة ثقيلة وتعوق التفكير. ويواصل موسونيوس (في عجالة) قائلا:
ولهذا السبب، نجد أن من يكثرون من استعمال اللحوم يكون تفكيرهم أبطأ. وعلاوة على ذلك، ما دام الإنسان من بين كل المخلوقات على الأرض هو الأقرب للآلهة، فلا بد أن يتغذى بطريقة تشبه تغذية الآلهة؛ فالأبخرة المتصاعدة من الأرض والماء تكفيهم؛ ولذلك لا بد أن نتغذى على الطعام الأقرب شبها بتلك الأبخرة، أي أخف الأطعمة وأنقاها؛ ومن ثم فإن أرواحنا ستكون نقية وجافة، وحين تصبح هكذا تصبح الأرقى والأكثر حكمة، كما كان يرى هيراكليتوس حين قال: «الروح الصافية الجافة هي الأفضل والأكثر حكمة.» (ترجمه إلى الإنجليزية: لوتز)
ويروى أيضا أن موسونيوس كان مناهضا لطرق الطهي المبتكرة وفنون الطهي وكتب الطهي والمخاطر الصحية للأطعمة المعقدة. وأكبر خطر هو متعة تناول الطعام، وهي متعة من المستحيل إشباعها، وتحط من منزلة البشر إلى مستوى الكلاب والخنازير التي تفتقر إلى العقل؛ فمتع تناول الطعام تفتك بالرجال عدة مرات في اليوم، وربما يأكل الناس أكثر من اللازم أو أسرع من اللازم، وربما يأكلون طعاما غير مناسب في الوقت غير المناسب، وربما يقصرون في كرم الضيافة حين لا يقدمون إلى أصدقائهم نفس نوع أو كمية الأطعمة التي يأكلونها هم. وليس الغرض من البلعوم والمعدة أن يكونا من أعضاء المتعة، بل مهمتهما هضم الطعام؛ فعدم التحكم في الشهية يؤدي إلى طلب التنوع، وإبحار السفن في البحار، وإعلاء قيمة الطهاة عن المزارعين، وتبذير الممتلكات. يرى الفيلسوف أن الأغذية الأرخص ثمنا تصنع أفرادا بنيتهم أقوى، مشيرا إلى غذاء العبيد وغذاء الريفيين في مقابل غذاء أهل المدن، ومقارنا بين غذاء الفقراء وغذاء الأغنياء. (كما سنرى في الفصل القادم، فإن رأي جالينوس الطبي في غذاء الفقراء والريفيين أقل تفاؤلا من رأي الفيلسوف.) وبخصوص الموائد وأثاث جلسات الشراب، ينتقد روفوس الذهب وغيره من أدوات الزينة الباهظة مفضلا عليها الأواني الخزفية والأواني المعدنية الرخيصة والمفيدة في الوقت نفسه. ثم تأتي الأدلة الأخيرة من تقشف الإسبرطيين - الذي كان مرغوبا أكثر من كل ثروات ملك بلاد فارس - وتفضي هذه الأدلة إلى تصريح موجز عن الترف:
أني لأختار المرض وليس الترف، فالمرض لا يضر إلا الجسم، ولكن الترف يدمر الجسم والروح، ويسبب الضعف والوهن في الجسم، وانعدام ضبط النفس والجبن في الروح. فضلا عن ذلك، الترف ينجم عنه الظلم لأنه يسبب كذلك الشجع؛ فلا يوجد امرؤ يميل للإسراف يمكنه تجنب التبذير في الإنفاق، ولا يوجد مبذر يستطيع إنفاق مبالغ قليلة؛ ولكن في إطار رغبته في الحصول على أشياء جمة لا يستطيع أن يمتنع عن الحصول عليها، وكذلك حين يسعى للحصول عليها لا يستطيع أن يتجنب أن يكون جشعا وظالما؛ فلا يوجد من يمكنه أن ينجح في الحصول على الكثير بوسائل عادلة. ومن ناحية أخرى، من المفترض أن يكون صاحب العادات المترفة ظالما؛ لأنه من المفترض أن يتردد في تحمل الأعباء الضرورية لمدينته دون التخلي عن حياة الإسراف التي يعيشها. وإذا كان من الضروري أن يتعرض للحرمان نيابة عن أصدقائه أو أقربائه، فإنه لا يقبل بذلك؛ فحبه للترف لن يسمح بذلك. بل الأكثر من ذلك، أن من يؤدي الواجبات تجاه الآلهة لا بد أن يكون أحيانا هو الفرد الذي من المفترض أن يعاملها بعدل، وذلك بتقديم القرابين أو طقوس التدريب والإدماج أو غير ذلك من الطقوس الدينية. وفي هذه الحالة أيضا سيتضح أن المبذر مقصر؛ لذلك، من المفترض أن يكون ظالما في كل الأحوال تجاه مدينته وأصدقائه وآلهته؛ إذ سيقصر في فعل واجباته. (ترجمه إلى الإنجليزية: لوتز)
من الواضح أن هذه الفقرة تحتوي على عدة آراء مختلفة كثيرا عن الآراء التي رأيناها في مواضع أخرى في هذا الكتاب، وسنرى آراء متناقضة أيضا في كتابات فرفريوس. ويشبه هذا المقال عن الطعام آراء سينيكا وآراء الكثير من الفلاسفة الآخرين؛ فهي تعرض نظرة عامة وشاملة عن المجتمع الروماني متسقة داخليا ولكنها تعتمد على تفسيرات خاصة للأعراف الدينية والاجتماعية والاقتصادية. تعكس «رسائل» سينيكا آراء رواقية مشابهة تتعلق بضبط النفس وكبح رغبات الجسد، ولكن من داخل حياة الطبقة الراقية؛ ومن ثم، تقول الرسالة 114 على سبيل المثال:
حين يتيح الرخاء انتشار الترف في نطاق كبير من المجتمع، يبدأ الناس في إيلاء اهتمام أكبر بمظهرهم الشخصي. والعنصر التالي الذي يستحوذ على اهتمام الناس هو الأثاث، ثم يوجهون جهودهم إلى المنازل نفسها، فيحرصون على أن تكون ذات مساحات شاسعة، ويحرصون على تغطية الجدران برخام لامع مستورد من الخارج، واختيار أسقف ذهبية، وتركيب أرضيات تتألق بلمعة تشبه الألواح التي تكسو الجدران. ثم تنتقل الفخامة إلى المائدة؛ حيث يسعى الناس إلى المديح عن طريق التجديد ووسائل التنويع في الترتيب المعتاد لتقديم الأطباق.
أما عن الطعام نفسه ، فيلخص سينيكا في «الرسالة» 78 الآراء التي رأيناها لمرات عدة:
يقول الناس: «يا له من امرئ غير محظوظ لما ابتلي به من المرض!» ترى ما السبب؟ ألأنه لا يذيب الثلج في قدح النبيذ؟ ألأنه لا يكسر الثلج داخل كأس كبيرة ليحافظ على المشروب الذي مزجه فيها مثلجا؟ ألأن محار بحيرة لوكرين لا يفتحه له أحد على المائدة؟ ألأنه لا يوجد طهاة في غرفة الطعام يحضرون معهم أدوات الطهي وليس فقط أطباق الطعام؟ فهذا هو أحدث ابتكار في أسلوب المعيشة المترفة، وهو إدخال أدوات المطبخ مع مأدبة العشاء إلى المائدة لمنع فقدان الطعام لسخونته، ولتجنب ارتفاع حرارة الطعام على نحو غير مناسب قد يحرق سقف الفم عند تناوله، فمن الملاحظ أن سقف الفم لدى الناس حاليا أصبح مثل الجلد المدبوغ.
تتبع كتابات سينيكا الاجتماعية نمطا رواقيا بصفة عامة، والكثير من المؤلفين يرون أن أتباع إبيقور اتخذوا موقفا مختلفا تماما تجاه الطعام ما دامت المتعة هي الهدف، وليس بصفته العدو كما جاء في كتابات أفلاطون والفلاسفة الرواقيين. وعلى الرغم من التصوير المشوه في الأدب الشعبي والفكر الشعبي - وفي كتابات أثينايوس (3، 5، 7)، وغيره - يبدو أن إبيقور وأتباعه قد حثوا على ضبط النفس في تناول الطعام، بهدف عدم الإضرار بصحة الفرد ومصلحته الشخصية؛ ومن ثم، يكتب إبيقور رسالة إلى مينوكيوس ينصحه فيها باتباع أسلوب حياة بسيط:
إن الحياة الممتعة لا تقوم على شرب الخمور والرقص والعلاقات الجنسية بصفة مستمرة، ولا على الاستمتاع بأكل الأسماك أو غيرها من الأكلات اللذيذة التي نجدها على الموائد الفاخرة. إن التفكير الرصين هو الذي يبحث عن الدوافع التي تحفز كل قرارات الاختيار والإعراض، وهو الذي يرفض تلك المعتقدات التي تترك العقل عرضة لأكبر اضطراب وخلل. (ترجمه إلى الإنجليزية: جاسكين)
Неизвестная страница