Еда в древнем мире
الطعام في العالم القديم
Жанры
أما الاعتبار الثاني، فهو أن الكتاب يفترضون أن القمح هو أفضل أنواع الحبوب، وكثيرا ما تكون هذه هي وجهة النظر العامة أيضا. ومن اللافت أن الأطباء التابعين لمدرسة أبقراط، بدءا من بحث «الحمية 2» حتى جالينوس، يصرحون بوضوح أن القمح أفضل من الشعير، من حيث القوة والمواد المغذية. ومع ذلك، كانت للشعير خواص أخرى، وكان ضروريا في أدوات الأطباء لإنتاج ماء الشعير. وكان ماء الشعير طعاما رقيقا لمن كانوا يعجزون عن تناول الأطعمة الصلبة، ومن كانوا يعجزون عن تحمل الأخلاط الثقيلة التي كان القمح يكونها في الجسم.
ويوجد الكثير من الكتابات القديمة التي تتناول الكعكات، وللاطلاع على عرض سهل الفهم عن أهم الكعكات، راجع دالبي (2003: 68-71). ويظهر الكثير منها في قائمة ترد في الجزء الرابع عشر من كتاب أثينايوس. وكان الكثير منها يصنع من أمزجة الحليب (دالبي 2003: 91) أو العسل أو السمسم مع دقيق الحبوب. يطلعنا جالينوس (1، 3) على طريقة طهي الكعكة المقلية (أو الكعكة المطهية في «تيجانون»)؛ يوضع زيت الزيتون في المقلاة، ويترك حتى يسخن، ثم يصب مزيج القمح والماء في المقلاة. يتماسك الخليط ويغلظ قوامه، ويصبح أشبه - على حد قول جالينوس - بالجبن الطري حين يوضع في سلة حتى يصير قالبا صلبا (ومن ثم، يصبح سميكا بعض الشيء). ثم تقلب الكعكة على الوجه الآخر عدة مرات لضمان نضج الكعكة بالتساوي.
وكانت «الكعكات» التي تقدم في الطقوس الدينية تتسم بقدر كبير من التنوع. يذكر بيركرت (بيركرت 1985: 68) أنه «بالإضافة إلى جريش الشعير غير المطحون الذي كان يؤخذ ويلقى به في بداية (تقديم القرابين)، يوجد أيضا الشعير المطحون - «بسايستا» - الذي يتوافر بأشكال شتى، كدقيق ومرق وكعكات مقلية وكعكات غير ذلك؛ ومن ثم نجد تنوعا شديدا من مكان لآخر.» «بيلانوس» و«بوبانون» هما أهم مصطلحين يستخدمان للإشارة إلى «القرابين المراقة» و«الكعكات» في المصادر الإغريقية. وربما كان هناك أيضا قدر كبير من التنوع بين مجتمع وآخر من حيث المقصود بمصطلحات على غرار «بلاكوس» (الكعكة المسطحة، «بلاسينتا» باللغة اللاتينية)، و«ليبوم» (باللغة اللاتينية). تنتاب الحيرة محرري كتاب كاتو «عن الزراعة» لوجود وصفات كعكات في كتاب ألفه هذا المؤلف الذي اشتهر بالتقشف. حاول البعض أن يثبت أنه ربما تكون هذه الكعكات كعكات دينية؛ ومن ثم تصبح ذات طابع تقشفي مقبول، وأشار البعض الآخر إلى قيمتها التجارية، بصفتها مصدر دخل بديلا للمزرعة التي تقع بجوار الحانة، وذلك في اقتراح للمزارعين كما ورد في كتاب «عن الزراعة» من تأليف فارو. ويوجد تفسير ثالث، وهو أن الكعكات كانت تؤكل في مجموعة كبيرة من مناسبات تناول الطعام في العصور القديمة، حتى إن المسمى نفسه كان ينطبق على صنف من الحلوى الريفية تماما كما ينطبق على صنف من الحلوى الفاخرة التي يتناولها الأغنياء، وينطبق الاسم نفسه على أصناف الحلوى الفارسية «المترفة» كما ينطبق على قربان ديني؛ وعلينا أن نتقبل مبادئ التنوع وإذابة الحدود بين ما هو ديني وما هو دنيوي، وأن نحكم على المناقشات والأوصاف وفقا للمواقف التي ترد فيها، وذلك انطلاقا من هذا التنوع.
تتفاوت أنواع الخبز والبسكويت والكعكات من حيث المنشأ والشكل والمكونات والقوام، ويناقش أثينايوس في الجزء الثالث من كتابه أنواع الخبز، ويناقش في الجزء الرابع عشر أنواع الكعكات. كما نجد أن أثينايوس يذكر في الجزء الرابع عشر من كتابه كتابا من تأليف خريسيبوس من تيانا بعنوان «عن صناعة الخبز» بصفته مصدرا موثوقا فيه، ولكنه يصف خريسيبوس فيما بعد أنه «خبير في الكعكات». ومن المرجح أن خريسيبوس قد كتب عن كل من الخبز والكعكات. وتشير الأسماء الكثيرة التي يستمدها أثينايوس من كتاب خريسيبوس إلى مصادر باللغتين الإغريقية واللاتينية، يذكر فيها الكثير من المكونات المختلفة، وأنواع أكثر مما هو موجود في أي كتاب آخر معروف لنا. كانت الأسماء القديمة التي تطلق على الكعكات - وعلى أنواع الخبز كذلك - كثيرا ما تعكس طرق طهي ومكونات مختلفة. يذكر جالينوس نوعين من كعكات العسل، وهما الكعكات المصبوبة والكعكات التي على هيئة رقاقات (1، 4)، ومن المرجح أن أنواعا أكثر من هذين النوعين كانت موجودة بالفعل. كما كانت هناك الكعكة المسطحة، أو «بلاكوس»، وكعكة بلاكوس مذكورة في الكثير من النصوص، وكانت للاستخدامات الدينية والدنيوية. يذكر جالينوس (1، 3) أن كعكة «بلاكوس» لها عدة أنواع مختلفة تنتشر في المناطق الريفية وبين الفقراء في الحضر، وكانت تصنع من مكونات بديلة. ويذكر دالبي (2003: 70) أن قائمة المكونات الأساسية تشمل الجبن والعسل والدقيق، ويضيف أيضا أن كعكة بلاكوس كانت تقدم في أرقى المجالس؛ إذ ظهرت في الموائد الثانية في مأدبة أركستراتوس (الشذرة 60 أولسون وسينس)، وتظهر في وصف هزلي طريف في المسرحية الكوميدية «أفروديسيوس» (الشذرة 55) من تأليف أريستوفان، وألفها أيضا في القرن الرابع قبل الميلاد.
يذكر أثينايوس، من بين أنواع الخبز المستخدمة في المناسبات الدينية، خبز «ثارغيلوس»، وهو نوع كان يستعمل في احتفال ثارغيليا في مدينة أثينا؛ وخبز «أناستاتوس»، وهو نوع كان يستعمل في احتفال أريفوريا في مدينة أثينا؛ وخبز «هيلث»، وهو صنف من «المازا» كان يوزع في مناسبات تقديم القرابين ليتذوقه الناس. ويرد وصف للكثير من هذه الأنواع، حسبما يخبرنا أثينايوس، في الجزء الثالث من كتاب من تأليف أريستومينيس الأثيني بعنوان «عناصر متعلقة بالطقوس الدينية».
كانت الكعكات تستخدم للكثير من الأغراض الدينية، وكان لبعضها فيما يبدو استعمالات في المناسبات الدينية وغير الدينية؛ فمثلا، يدرج أثينايوس في فئة الكعكات كعكة «أمفيفون»، وهي كعكة مسطحة توقد حولها مشاعل صغيرة على هيئة دائرة، وتستعمل في القرابين التي تقدم إلى آرتيميس وهيكاتي؛ وتوجد كعكة «باسينياس» التي يقدمها أهالي جزيرة ديلوس كقربان إلى الإلهة إيريس، وهي مصنوعة من عجين القمح المسلوق مع العسل والتين المجفف والجوز؛ وتوجد كعكة «كريون» (وهي عبارة عن كعكة مسطحة أو رغيف، على حد قول أثينايوس) تنقل في أرغوس من العروس إلى العريس، وتقدم مع العسل؛ وتوجد كعكة «إلافوس» أو كعكة الغزال، وتصنع على هيئة غزال وتستعمل في احتفال «إلافيبوليا»، وتصنع من العجين والعسل والسمسم؛ وتوجد كعكات «مولوي» في سيراقوسة، وهي تصنع من أجل من يطلق عليهم «بانتيليوي»، الذين يحضرون احتفال ثيسموفوريا، وهي تصنع من السمسم والعسل على هيئة الأعضاء التناسلية للمرأة، ويحملونها ويسيرون بها من أجل الإلهتين ديميتر وبيرسيفوني. (قارن الأمر مع الكعكات التي على هيئة الأعضاء الذكرية في احتفال ثيسموفوريا الأثيني.) وتوجد كعكات «كريباناي»، وهي نوع من كعكة «بلاكوس» أو الكعكة المسطحة، التي يقول عنها أثينايوس إنها كانت تشكل على هيئة نهود، مستشهدا في ذلك بسوسيبيوس، وهو مصدر أكاديمي عن إسبرطة القديمة. ويقول سوسيبيوس: «يستخدمها الإسبرطيون في الاحتفالات النسائية، ويدور بها الحاضرون في الجوقة حين يوشكون على غناء نشيد لمديح العروس.» وشكل النهد يستدعي في الأذهان الكعكات الصقلية التي تصنعها الراهبات في العصر الحديث. كما أن النهد يوحي أيضا بالوفرة، ويستعمل في مناسبات مشابهة في أماكن أخرى للإيحاء بالإنتاج الوفير للحبوب؛ فمثلا: يشير أركستراتوس في الشذرة 5 إلى «نهد إريسوس المطوق» - وهو تل على هيئة نهد في جزيرة ليسبوس - ثم يتحدث بعد ذلك عن سلسلة من أنواع الأرغفة (راجع ما سبق). وتشير قصيدة غير مكتملة من تأليف سولون (38 ويست 1974) أيضا إلى مجموعة متنوعة من أنواع الخبز والكعكات كتعبير عن الوفرة:
يشربون ويقضم البعض كعكات العسل بالسمسم («إيتريا»)، ويقضم آخرون أرغفة الخبز، ويأكل البعض الآخر كعكات غوروس الممزوجة بالعدس؛ ففي ذلك المكان، كانت تتوافر كعكات مصنوعة من كل ما تخرجه الأرض السمراء للبشر، وكلها كانت متوافرة بسخاء.
و«غوروس» عبارة عن كعكة لم يستطع أثينايوس تسميتها، فما كان منه إلا أن أطلق عليها أنها أحد أنواع كعكة بلاكوس. وقد نتساءل كيف كانت هذه «الكعكات المسطحة» مسطحة على الرغم من أنها كانت أيضا «على شكل نهد». ويعجز أثينايوس أيضا عن تسمية المكان الذي وجد فيه سولون هذه الوفرة من أنواع الكعكات وأصناف الخبز؛ ربما كان ذلك المكان جنة بعيدة، وربما كان بلاد فارس (بناء على تعليق هيرودوت الذي استشهدنا به فيما سبق)، وربما كان ذلك مديحا مبالغا فيه بعض الشيء لإحدى المدن الإغريقية ذات الحكم الذاتي. ويظهر شيء يشبه كعكة «غوروس» هذه في وصف شعري منمق كتبه فيلوزينوس الكيثيري في عام 400 قبل الميلاد تقريبا (راجع دالبي 1996، ويلكنز2000) يكتب الشاعر بالأسلوب الحماسي، وهو أسلوب منمق ومخصص أساسا للترانيم الدينية الموجهة لديونيسوس. ويستعمل فيلوزينوس ذلك الأسلوب لوصف مأدبة عشاء فاخرة. ويؤتى للجالسين على مائدة العشاء بالكعكات، وتوصف بأنها «ممزوجة بالزعفران ومحمصة ومصنوعة من مقادير قليلة من القمح والشوفان والحمص الأبيض والسمسم والشوك، وحوافها مزينة بالعسل» (ترجمة ويلكنز). وكانت هناك كعكة أخرى مصنوعة من «عجين وعدس وقرن بازلاء وزيت، وتسلق حتى يتحول لونها إلى الأصفر، وتحمص من كل جوانبها» (ترجمه إلى الإنجليزية: جوليك). وربما نجد في هذا الوصف أن الشعر يغلب على طريقة الطهي، ولكننا ربما نكون مستعدين لتصديق أن الشعراء الذين اهتموا كل هذا الاهتمام بالكعكات كانوا يرونها جزءا مهما من أي وجبة، شأنها شأن أطباق اللحم والأسماك. لا يبدو أن الكعكات كانت عنصرا إضافيا لدى الإغريق والرومان فحسب، حتى لو كانت تبدو كذلك - نسبيا - بالنسبة إلى الفرس.
إن جوهر الموضوع في دراستنا هو أن الحبوب والبقوليات كانت أساس النظام الغذائي لكل أفراد المجتمع، باستثناءات قليلة للغاية. وكان الدقيق المصنوع من هذه المحاصيل يخلط بالماء والنكهات والحليب وغيرها من السوائل، وكثيرا ما كانت النكهات والمواد الإضافية مثل العسل والخميرة من المكونات المهمة. وكانت لأنواع الخبز أسماء كثيرة، كما كانت للأسماك والنباتات أسماء كثيرة في شتى المدن المنتشرة في أنحاء البلدان ذات الحضارة الإغريقية الرومانية. ويكاد يكون من المؤكد أن الأسماء كانت تفوق عدد أنواع الخبز والكعكات؛ نظرا للطابع المحلي والاستعمالات الثقافية مثل الأعياد الدينية؛ فكان من الممكن إطلاق اسم مميز على كعكة مسطحة أو كعكة عسل قياسية لربطها باحتفال معين. ومع ذلك، كانت الفكرة الرئيسة تتسم بقدر كبير من التنوع. وربما يمنحنا الشعراء فكرة بسيطة عن ذلك؛ وهو ما يفعله خريسيبوس من تيانا أيضا. والجوانب العملية أيضا من أهم العوامل.
فمن الصعب تمييز الفارق بين الكعكات المخصصة للمناسبات الدينية وتلك المخصصة للمناسبات الدنيوية، وربما كانت الاستعمالات الدينية والدنيوية تتداخل، فيما عدا الحالات التي تطلعنا بوضوح على الفارق كما في الأمثلة التي جاءت آنفا. وفي الوقت نفسه، يروي هيرودوت (1، 133) أن الفرس كانوا يرون الوجبة الإغريقية غير مغذية لأنها لم يؤكل فيها إلا حفنة من الكعكات؛ مما يوحي بأن الكعكات كانت أهم عنصر في الوجبة الفارسية. ونجد مناقشة لهذه الفوارق لدى دالبي (2003: 70) وويلكنز (2000: 304-311). وربما كان بعض الكعكات - مثل كعكة «أمفيفون» وكعكة «مولوي» - يقتصر استعماله على طقوس دينية معينة، وثمة كعكات أخرى كثيرا ما ترد أسماؤها في الطقوس الدينية (كعكة «بيلانوس» و«بوبانون» بالتحديد). وثمة كعكات أخرى كذلك تستعمل في مختلف المناسبات، مثل كعكات «بلاكوس» و«ليبوم». ولا بد من أخذ ثلاث نقاط في الحسبان: (1) إذا رغب أحد في تقديم قربان لإله ما، لم يكن ثمة ما يمنع من تقديم كعكة مصنوعة في المنزل بغرض الاستهلاك البشري؛ ونجد أن الكثير من أسماء الكعكات هي أسماء عامة، مثل كعكة السمسم أو الكعكة المسطحة. (2) إذا لم نستطع التمييز بين كعكة سمسم مخصصة لحفل زفاف وكعكة سمسم عادية للأغراض الدنيوية، فليس معنى ذلك أن الفارق لم يكن واضحا لبعض الأشخاص في مدينة معينة خلال فترة زمنية محددة؛ فلا بد أن نتذكر أننا بصدد مناقشة مدى زمني هائل، بالمقارنة بمعظم الكتب التي تتناول تاريخ الطعام. (3) لا تجدي محاولات التمييز بين ما هو ديني وما هو دنيوي في العصور القديمة. تأمل مثال كعكة خاريسيوس، ويقول أثينايوس إنها كانت تؤكل في احتفال ساهر أو «بانيخيس» (حسبما يناقشه ويلكنز 2000: 309-310). وربما كان «بانيخيس» جزءا من احتفال رسمي (راجع الفصل الثالث)، أو فيما يبدو، المعادل لجلسة الشراب (راجع الفصل الثالث). وكان الجانب «الديني» من المناسبة غامضا مثل كعكة «خاريسيوس» نفسها، ومثل مدى انتشار استعمال هذه الكعكة في البلدان الإغريقية.
Неизвестная страница