Еда в древнем мире
الطعام في العالم القديم
Жанры
ومع الآلهة الأجنبية، جاءت أيضا عادات أجنبية، وفي بعض الحالات أطعمة أجنبية. كان أتباع أدونيس - على سبيل المثال - يرتبطون بالأعشاب والعطور (راجع أدناه)؛ فالعطور تمنح تصويرا ماديا مفصلا. كانت البلدان الإغريقية الرومانية تستورد العطور مثل بخور اللبان وصمغ المر من شبه الجزيرة العربية وأفريقيا (ميلر 1969: 102-105)، وبدأ استخدام البخور في مناسبات تقديم القرابين العادية في أوليمبيا، وكان يمثل الجانب العطري السماوي من المأدبة المقدسة التي كانت ترتقي إلى السماء يغلفها الدخان المعطر اللائق بالآلهة. وعلى العكس من ذلك، كان البشر يأكلون الجزء الطري اللحمي من الحيوان، مما كان يعكس الطابع الفاني للبشر. ولكن ربما يرتبط العطر أيضا بالعادات الشرقية والتبذير الذي يميز الشرق، ويروي أثينايوس حكايات متنوعة عن باعة العطور - على سبيل المثال - في الجزء الثاني عشر من كتابه، ويحكي فيه عن الترف . تذكر الشذرة 60 من كتاب أركستراتوس العطور بوصفها تندرج ضمن فئة متع جلسة الشراب، ويعلق أوفيد في قصيدة «الأعياد» (1، 337-346) قائلا:
قديما، كان السبيل أمام البشر للفوز برضا الآلهة هو العلس وكذلك حبات الملح النقي المتلألئة. وحتى ذلك الحين، لم تكن أي سفينة أجنبية قد جلبت عبر أمواج المحيط صمغ المر المستقطر من لحاء الأشجار، ولم يكن قد جلب أي بخور عبر نهر الفرات، كما لم يكن قد وصل أي بلسم من الهند، وكانت خيوط الزعفران الأحمر ما زالت غير معروفة لنا. وكان يكتفى بأن يعبق الهيكل بدخان العرعر، وكان نبات الغار يحرق ويسمع له صوت طقطقة عالية. وكان من يستطيع إضافة زهور البنفسج إلى الأكاليل المغزولة من زهور المروج غنيا بحق. (ترجمه إلى الإنجليزية: فريزر)
ومن ثم، أدت العطور دورا مبهما، وعادت للظهور في جلسة الشراب؛ حيث كانت تؤدي دورا غامضا، شأنها شأن الزهور. يقدم كل من أثينايوس وبلوتارخ («حديث المائدة» 3، 1) حججا تؤيد استخدام الزهور في الأكاليل عند تناول الطعام، وحججا أخرى تنتقد ذلك؛ فهل كان استخدام الزهور جزءا من عادة مقدسة، أم كان استخدامها بدافع الترف؟ هل كانت تمثل همزة وصل بعالم الطبيعة ومن ثم بآلهة الطبيعة مثل ديونيسوس، أم كانت تنم عن تبذير فادح؟ بالطبع، كان استخدام الزهور مزيجا من كل هذه العناصر؛ ومن ثم كانت مجالا خصبا لتوظيف الدلالات الأيديولوجية.
كان للعطور وأكاليل الزهور دور في الجزء المتعلق بتقديم القرابين في المراسم، وكانت تتوج الحيوانات والكهنة على حد سواء بالأكاليل. وتعود العطور وأكاليل الزهور للظهور أيضا في جلسة الشراب، كما رأينا توا، ولا بد أن نتذكر أنه عند ذكر مناسبة تقديم قرابين في أحد النصوص - ما لم يكن القربان عبارة عن حيوان أحرق بالكامل (عادة ما يقدم قربانا إلى آلهة الموتى) - فإن الحيوان المراد تقديمه كقربان كان يقسم بين المشاركين، وكان يعقب ذلك إقامة مأدبة، رسمية أو غير رسمية. (كان من الممكن إقامة مأدبة، دون طقس تقديم القربان الذي يسبقها، ما دام أمكن شراء اللحم من السوق. وربما يكون ذلك هو مصدر معظم اللحوم التي ورد وصفها في النصوص الهزلية الإغريقية أو النصوص الهجائية الرومانية. ولكن كان التوقع الطبيعي، خصوصا في البلدان الإغريقية، هو أن اللحم - الذي كان نادرا ما يؤكل - كان مصدره طقوس تقديم القرابين.) ومن ثم، كان تقاسم الطعام يعقب عملية تقديم القرابين، وكانت جلسة الشراب تعقب تناول الطعام.
وكانت جلسة الشراب - وهي العنصر الثالث في التسلسل المؤلف من تقديم القرابين، ثم المأدبة، ثم جلسة الشراب - من الأنشطة الممتعة بدورها، وكانت كذلك مناسبة ذات طابع شعائري؛ ففي نهاية المأدبة - التي تتكون من المقبلات والأطباق الرئيسية من الأكلات الإغريقية - كانت الموائد تستبدل، ويجلب الماء لغسل الأيدي، وتؤذن طقوس إراقة الخمر والصلوات ببداية جديدة. وكانت هذه الصلوات تؤدى لزيوس وديونيسوس وإلهة الصحة هيجيا، وغيرهم من الآلهة المرتبطة بجلسات الشراب. وكان يستعمل نبيذ نقي وليس نبيذ ممزوج في طقوس إراقة الخمر، وكانت تنشد ترنيمة في النهاية (راجع أثينايوس)، وكانت هذه الشعائر الدينية تضع إطارا لشعائر احتساء الشراب، ويأتي وصف لغير ذلك من الشعائر الاجتماعية في الفصل السادس.
يتناول ميناندر هذا الموضوع تناولا رائعا في شذرة من مسرحية مفقودة يوحي عنوانها أيضا بالانغماس في الملذات:
ثم ألسنا نباشر المعاملات التجارية ونقدم القرابين بطرق متشابهة؟ ففيما أحضر للآلهة خروفا صغيرا لطيفا اشتريته بعشر دراخمات، بوسعي أن أحصل بأقل من طالين واحد على عازفات مزمار وعطور وعازفات قيثارة ... نبيذ من جزيرة ثاسوس وأسماك إنكليس وجبن وعسل. ثم نحصل على بركة بقيمة عشر دراخمات، إذا صار القربان مصحوبا بالبشائر الطيبة إلى الآلهة، ونعوض نحن هذه الفوائد بالتكلفة التي ننفقها على هذه السلع المترفة. ولكن كيف لا يكون هذا من قبيل مضاعفة شرور تقديم القرابين؟ فلو كنت إلها، لما سمحت قط بوضع خاصرة من اللحم على الهيكل ما لم يكن من يقدم القربان قد خصص أيضا سمكة إنكليس (وهي نوع من ثعابين البحر) ضمن القربان الذي يقدمه، وبتلك الطريقة سيصبح كاليميدون في عداد الموتى، لكونه يحمل صفات من هذا النوع من الأسماك. («السكر» الشذرة 224)
وكان كاليميدون خطيبا سياسيا من القرن الرابع قبل الميلاد، وتعرض أيضا للانتقاد في مسرحيات كوميدية أخرى لشغفه بالأسماك المرتفعة الثمن (راجع الفصل الخامس). ويجمع المتحدث بين تقديم القرابين وجلسة الشراب بالتسلسل الذي تابعناه توا، ثم يقارن بين أسعار قربان صغير ومأدبة فاخرة (الطالين فئة نقدية تتألف من 6000 دراخمة). وتكمن الطرفة في الافتراض القائل بأنك تحصل على ما يعادل القيمة التي دفعتها، وإذا دفعت مقابلا أقل في تقديم القربان، فإن الآلهة ترد بالأقل. وذلك ليس النهج المتبع في القرابين الدينية (قارن فرفريوس 2، 15-16)، ولكن المتحدث يشير إلى الطابع الملتبس للقيم.
ونجد أن مثل هذه المقتطفات لافتة للغاية؛ إذ إنها تتأمل الطابع الملتبس لعادة تقديم القرابين الإغريقية؛ فبداية، نلاحظ وجود علاقة مضطربة بين ما هو بشري وما هو إلهي، ويأتي هذا في صميم القصص القديمة التي يرويها هسيود عن أسطورة بروميثيوس، ثم نجد أن طقس تقديم القرابين - كما رأينا - مدمج في نسيج النظام الاجتماعي البشري؛ ومن ثم، فمن الحتمي أن نجد جوانب يبدو أنها تركز على صالح البشر وليس على حاجات الدين الصرفة، في حالة تعريفها بطريقة متشددة. وتقودنا أيضا طقوس تقديم القرابين وغيرها من القرابين الدينية إلى مناسبات تناول الطعام وتجمعات اجتماعية مخصصة لتناول الطعام والشراب، ونجد أنها ممتعة في حد ذاتها؛ ممتعة من الناحية الاجتماعية وممتعة أيضا لحاسة التذوق؛ فالدين ممتزج بالترفيه وبالحياة السياسية، فمن الممكن - على سبيل المثال - أن تقام عقب تقديم القرابين مأدبة في أحد مكاتب الحكم الديمقراطي الأثيني؛ فهل من الممكن أن يصبح ذلك محل خلاف؟ ربما يصبح محل خلاف، في حالة رصد تجاوزات. تشير إحدى الخطب القانونية لديموسثينيس (54) إلى جماعات من المواطنين كانوا يقدمون محاكاة ساخرة للشعائر الدينية في جلسات الشراب، وكانت حادثة محفل الأسرار (أو العبادات السرية التي تمارس طقوسها في الخفاء) في أثينا في عام 415 قبل الميلاد تتعلق بمخاوف تدبير المؤامرات على الحكم الديمقراطي، التي ظهرت في المحاكاة الساخرة للشعائر الدينية في جلسات الشراب الخاصة (كتاب المؤرخ ديموسثينيس (6، 27-29)، كتاب «عن محفل الأسرار» من تأليف أندوسيديز ).
وربما تنشأ أسئلة مشابهة تتعلق بتدفق الثروة إلى روما في القرن الثاني قبل الميلاد. يصف بوليبيوس (31، 26، 1-5) ثراء إيميليا، ابنة لوسيوس إيميليوس؛ إذ يقول عنها:
Неизвестная страница