والعناية الصحية أمر مرتبط بمشكلة تحسين الأحوال الزراعية، وذلك لأن سوء الحالة الصحية ينشأ عن تلوث مياه الشرب أو خزانات المياه أو التربة أو البيئة أو عن الحشرات الناقلة للأمراض أو انعدام الغذاء الصحي أو العناية الصحية وأسباب الوقاية من بعض الأمراض أو عدم وجود وسائل التهوية المناسبة. يضاف إلى كل هذا اختفاء التعليم بسبب عجز الناس هناك عن إدراك قيمة التعليم للبنين والبنات أو لقلة المدارس والمدرسين والمعدات.
ومن الأمور التي لا تزال بحاجة إلى العناية في القرية مسألة التدبير المنزلي؛ إذ إن ربة البيت الريفي لا تزال بحاجة إلى من يعلمها طرق تدبير شئون بيتها بمصادرها المحدودة، وطرق تقديم وجبات متنوعة من الطعام، وحفظ المأكولات، وتحسين أحوال المعيشة بتجميل البيت، وفصل الحيوانات عن الآدميين، وبناء صوامع منفصلة للغلال.
ومن الأمور الأخرى الهامة في حياة القرية زيادة أسباب التسلية فيها بإدخال الألعاب الرياضية فيها وإنشاء الملاعب وتدريب القرويين على شتى الألعاب وتشجيعهم على متابعة النشاط الرياضي والثقافي، وتهيئة بعض الأعمال الإضافية للقرويين ليزاولوها في أوقات فراغهم، وبذا يتسنى لهم زيادة دخلهم.
وكل هذا هو ما تعمل الحكومة بهمة على إدخاله في المجتمع الزراعي بالباكستان كعلاج لأمراضه المستعصية.
النهضة الصناعية
كان من أول المناطق التي زرناها في باكستان المدينة الصناعية الجديدة التي تضم مصانع النسيج والبلاستيك والكيماويات، وهي تقع على مقربة من كراتشي، وقد كان مما يثير الإعجاب حقا أن نرى ذلك النشاط الصناعي وهو يدب في بلاد جديدة كان المفروض أن تعتمد على الزراعة فقط.
ولكن باكستان كانت قد اقتنعت منذ نشأتها، كما اقتنعت مصر في عهدها الجديد، بأنه لا يمكنها الاعتماد على الزراعة فقط إذا أرادت أن تعيش وأنه لا بد من التصنيع لرفع مستوى الأهالي.
ولذلك فإنه يتبين من تتبع التقدم في حياة باكستان خلال السنوات الماضية منذ نشأتها في عام 1947 أنه قد حدث انتقال تدريجي من سياسة الاعتماد على الزراعة إلى سياسة التصنيع بجانب الزراعة.
ولذلك فقد كانت الصناعة من أهم المسائل التي شغلت بال الحكومة الباكستانية ومن أولى الأمور التي بحثتها، وذلك لمعرفة مدى حاجة البلاد إليها وتحديد مصادرها ثم وضع سياسة صناعية تقوم بتنفيذها.
فما إن انقضى على قيام الدولة الجديدة أربعة شهور إلا وعقدت الحكومة - وكان ذلك في ديسمبر سنة 1947 - مؤتمرا للصناعات قصد منه تهيئة الوسائل لتحسين الحالة المعيشية للشعب عن طريق الإفادة من الموارد الطبيعية وتوفير العمل المريح، ثم حمايتهم من العوز وتهيئة الفرص المناسبة لهم، وأخيرا توزيع الثروة توزيعا عادلا.
Неизвестная страница