أما فيما يتعلق بالوضع السياسي العام لدولة الباكستان بين الدول الأخرى، فقد استقر الرأي على أن تصبح جمهورية مع استمرار وجودها في مجموعة الدول البريطانية المستقلة (الكومنولث)، وليس في هذا ما يتعارض مع مركز الباكستان كدولة مستقلة ذات سيادة.
ويعتقد المراقبون أن هذا القرار الذي اتخذته باكستان من شأنه أن يزيدها قوة، فإن اتحادا يضم الشعوب المتساوية الحرة، مهما كانت الرابطة بينها، لهو أفضل دائما من اتحاد يقوم على أساس الإجبار بين شعب قوي وشعب آخر أضعف منه.
وقد عرض هذا القرار على آخر مؤتمر عقدته دول المجموعة البريطانية (الكومنولث) فوافقت عليه، ومن المنتظر بعد أن تستقر الأوضاع الدستورية في الدولة أن تتم الإجراءات الخاصة بتثبيت أحكام هذه القرارات وتنفيذها، حتى تستقيم الأمور وتسير في خطوطها المرسومة. •••
وقد أثير لغط كثير حول اشتراك باكستان في الأحلاف العسكرية الخارجية، كما أنني أشرت في مكان آخر من هذا الكتاب إلى تلك الرغبة الملحة التي بدت من جانب الباكستان للاشتراك في حلف الشرق الأوسط (ميدو)، الذي عرض على مصر قبل إتمام اتفاقية الجلاء فعارضته ورفضته بشدة كما عارضت فيما بعد اشتراك العراق بوصفها عضوا في الجامعة العربية في حلف عسكري مع تركيا.
ولباكستان وجهة نظر خاصة في هذا الموضوع، إذ يرى المسئولون عن سياستها في الوقت الحاضر أن الوضع الجغرافي الذي تنفرد به في شبه القارة الهندية وإحاطتها بكثير من الدول التي تعتقد أنها ذات مطامع إقليمية؛ يجعل اشتراكها في التدابير الدفاعية الجماعية على جانبي حدودها أمرا ضروريا، وأن من شأن مثل هذا التعاون أن ينشر التقدم والسلام في ربوع جنوب شرق آسيا، وأن توقيع الباكستان ميثاقها مع تركيا وتحالفها مع الولايات المتحدة واشتراكها في منظمة الدفاع عن جنوب شرق آسيا يحقق هذا الغرض، وأن جميع الالتزامات التي ارتبطت بها باكستان ترمي إلى غرض واحد هو ضمان حرية البلاد وسيادتها.
وباكستان تؤمن بعالم تستطيع فيه الدول، كبيرها وصغيرها، قويها وضعيفها، أن تعيش في سلام ووئام متحررة من الخوف والعدوان والاستغلال الاقتصادي والسيطرة المذهبية، وهي تدين بمبدأ السعي لحل جميع المنازعات الدولية بالوسائل السلمية، وهذا هو ما جعلها تؤكد في مؤتمر بانكوك أهمية بناء وتدعيم الصرح الاقتصادي والأخلاقي لأقطار جنوب شرق آسيا إلى جانب بناء صرحها العسكري.
وقد اعترفت الأمم التي اشتركت في هذا المؤتمر بأهمية الاقتراح الباكستاني.
وتعتقد الباكستان أن في وسعها أن تلعب دورا سياسيا إيجابيا وأن العزلة أو الحياد في الشئون الدولية أمر متعذر كما أن الضعف يشجع على العدوان، ولذا فهي تعمل دائما على تقوية نفسها بالتعاون مع الأقطار الحرة. •••
ومسألة العلاقات مع الهند هي الأخرى من أكبر مشاكل السياسة في باكستان، فقد تطور النزاع على كشمير بين الهند وباكستان حتى أصبح اليوم رمزا للخوف والارتياب، إذا لم نقل الكراهية، اللذين سيطرا على العلاقات بين الهند وباكستان غداة تقسيم شبه القارة.
حتى موضوعات النزاع التي ثارت بين الدولتين ولم يكن لها أدنى اتصال في بادئ الأمر بموضوع النزاع على كشمير، كمسألة المياه والأملاك ونصيب الباكستان من رصيد الدولة القديمة وغير ذلك ... كل هذه الموضوعات اندمجت في موضوع النزاع على كشمير حتى أصبحت جزءا منه.
Неизвестная страница