وكان من رأي قادة الهنود وقتئذ أن يكون أمر انضمام أية ولاية إلى الهند أو إلى الباكستان قائما على الرغبة التي يبديها شعبها لا بناء على رأي حكامها فقط.
وحدث بعد ذلك أن اضطربت الأحوال في ولايات حيدر أباد وجوناجادا وكشمير، فحيدر أباد كان يحكمها حاكم مسلم ولكن غالبية سكانها من غير المسلمين، وجوناجادا التي تلاصق الباكستان عن طريق البحر كان عليها حاكم مسلم ولكن أغلبية سكانها كذلك من غير المسلمين، أما كشمير فكان حاكمها هندوسيا ولو أن غالبية سكانها من المسلمين.
وقد كان لأمراء هذه الولايات الثلاث موقف خاص، إذ إنهم وقفوا موقف التردد بين الانضمام للهند أو لباكستان، وهم أمراء حيدر أباد وجوناجادا وكشمير، فما لبثت الإمارات أن اعتبرت مستقلة فعلا من 15 أغسطس 1947.
وكان لسياسة هؤلاء الأمراء أسوأ الأثر على رعاياهم الذين دفعوا ثمن سياسة الضعف والتردد.
فلما استقر رأي نواب جوناجادا فيما بعد على الانضمام إلى باكستان كان الجيش الهندي قد اقتحم حدود الولاية وأمن السكان على حقهم في تقرير مصيرهم، وكذلك حدث أن نظام حيدر أباد حاول أن يرجئ اتخاذ قرار حاسم فما لبث الجيش الهندي أن اقتحم الولاية وضمها إلى الهند في سبتمبر من عام 1948.
أما في كشمير فقد أخذ المهراجا هو الآخر يؤجل اتخاذ القرار الحاسم الخاص بولايته من يوم إلى آخر مع أنه كان من المفروض أصلا أن هذه الولاية ستنضم إلى باكستان بسبب أغلبيتها المسلمة، بل إن حرف «ك» في كلمة «باكستان» قد وضع ليرمز إلى كشمير وكان ذلك منذ ولدت هذه الكلمة في عام 1940 واتخذها مسلمو شبه القارة الهندية شعارا يتطلعون إلى تحقيقه، ولم يجد الهندوس منذ ذلك الوقت سببا يدعوهم إلى الاحتجاج أو المعارضة.
وقد حاول مونتباتن نفسه أن يتدخل في الأمر في شهر يوليو من عام 1947 فزار مهراجا كشمير وقضى في الولاية أربعة أيام، ولكنه لم يتمكن في نهايتها من حث المهراجا على اتخاذ قرار إما بالانضمام إلى الهند أو باكستان.
وفد الصحفيين المصريين في زيارة مظفر أباد وهو يستمع لخطاب مؤثر جاء فيه ذكر ما قاساه أهل كشمير.
وقد كانت هذه السياسة الحمقاء القائمة على التردد من جانب المهراجا هي التي سببت النكبات التي توالت فيما بعد على الولاية أولا ثم على باكستان والهند.
فقد حل يوم 15 أغسطس من عام 1947 وولاية كشمير لم تحدد موقفها من الدولتين الكبيرتين، كما أن رغبات الأغلبية العظمى من السكان لم تتحقق ... ولما أراد المسلمون في ذلك اليوم المشهود الاحتفال بيوم الباكستان أمر المهراجا بتمزيق الأعلام التي رفعوها وبإغلاق جميع الصحف الموالية لباكستان.
Неизвестная страница