25

Табсира

التبصرة

Издатель

دار الكتب العلمية

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

Место издания

بيروت - لبنان

إِدْرِيسَ، فَدَعَاهُمْ، فَلَمْ يَزَلْ أَمْرُهُمْ يَشْتَدُّ حَتَّى أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى نُوحًا وَجَاءَ الطُّوفَانُ. فَأَمَّا قَابِيلُ فَإِنَّهُ عُذِّبَ بَعْدَ قَتْلِهِ أَخَاهُ. فَرَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: علِّقت إِحْدَى رِجْلَيِ الْقَاتِلِ بِسَاقِهَا إِلَى فَخِذِهَا مِنْ يَوْمِئِذٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَوَجْهُهُ فِي الشَّمْسِ حَيْثُمَا دَارَتْ دَارَتْ عَلَيْهِ، عَلَيْهِ فِي الصَّيْفِ حَصِيرَةٌ مِنْ نَارٍ وَفِي الشِّتَاءِ حَصِيرَةٌ مِنْ ثَلْجٍ. قَالَ مُجَاهِدٌ: وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: إِنَّا لَنُحَدَّثُ أَنَّ ابْنَ آدَمَ الْقَاتِلَ يُقَاسِمُ أَهْلَ النَّارِ الْعَذَابَ قِسْمَةً صَحِيحَةً، عَلَيْهِ شَطْرُ عَذَابِهِمْ. وَيَشْهَدُ لِهَذَا الْقَوْلِ مَا أَخْبَرَنَا بِهِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بِسَنَدِهِ عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " لا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إِلا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا، لأَنَّهُ كَانَ أَوَّلَ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ ". أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَرَوَى أَهْلُ السِّيَرِ أَنَّ إِبْلِيسَ أَتَى قَابِيلَ فَقَالَ لَهُ: إِنَّمَا تُقُبِّلَ قُرْبَانُ أَخِيكَ لأَنَّهُ كَانَ يَعْبُدُ النَّارَ. فَبَنَى بَيْتَ نَارٍ وَعَبَدَهَا وَاتَّخَذَ أَوْلادُهُ الْمَزَامِيرَ وَالطُّبُولَ وَالْمَعَازِفَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: " من أجل ذلك " قَالَ أَبُو الْفَتْحِ النَّحْوِيُّ: يُقَالُ فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِكَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَمِنْ إِجْلِكَ بِكَسْرِهَا، وَمِنْ إِجْلالِكَ، وَمِنْ جَلَلِكَ وَمِنْ جَرَّاكَ. وَمَعْنَى كتبنا: فَرَضْنَا. ﴿أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ﴾ أَيْ قَتَلَهَا ظُلْمًا وَلَمْ تَقْتُلْ نَفْسًا، " أَوْ فساد في الأرض " أَيْ وَبِغَيْرِ فَسَادٍ تَسْتَحِقُّ بِهِ الْقَتْلَ، ﴿فَكَأَنَّمَا قتل الناس جميعا﴾ لأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ مِنْ شَخْصٍ، فَيُتَصَوَّرُ مِنَ الْمَقْتُولِ أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِ مَا أَتَى بِهِ آدم. ﴿ومن أحياها﴾ أَيْ اسْتَنْقَذَهَا مِنْ هَلَكَةٍ.

1 / 45