197

Табсира

التبصرة

Издатель

دار الكتب العلمية

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

Место издания

بيروت - لبنان

وَبَكَى عَامِرُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ لَمَّا احْتُضِرَ وَقَالَ: إِنَّمَا أَبْكِي عَلَى ظَمَإِ الْهَوَاجِرِ وَقِيَامِ لَيْلِ الشِّتَاءِ.
وَبَكَى أَبُو الشَّعْثَاءِ عِنْدَ مَوْتِهِ فَقِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ فَقَالَ: لَمْ أَشْتَفِ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ.
وَبَكَى يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ عِنْدَ مَوْتِهِ فَقِيلَ: مَا يُبْكِيكَ؟ فَقَالَ: أَبْكِي عَلَى مَا يَفُوتُنِي مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ وَصِيَامِ النَّهَارِ. ثُمَّ جَعَلَ يَقُولُ: يَا يَزِيدُ مَنْ يُصَلِّي لَكَ وَمَنْ يَصُومُ عَنْكَ، وَمَنْ يَتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ ﷿ بِالأَعْمَالِ بَعْدَكَ، وَيْحَكُمْ: يَا إِخْوَانِي، لا تَغْتَرُّوا بِشَبَابِكُمْ، فَكَأَنَّ قَدْ حَلَّ بِكُمْ مِثْلُ مَا قَدْ حَلَّ بِي.
وَقَالَ الْمُزَنِيُّ: دَخَلْتُ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي عِلَّتِهِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا فَقُلْتُ لَهُ: أَبَا عَبْدِ اللَّهِ كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ قَالَ: أَصْبَحْتُ مِنَ الدُّنْيَا رَاحِلا وَلإِخْوَانِي مُفَارِقًا وَبِكَأْسِ الْمَنِيَّةِ شَارِبًا، وَعَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَارِدًا، وَلا أَدْرِي نَفْسِي تَصِيرُ إِلَى الْجَنَّةِ فَأُهَنِّئُهَا أَمْ إِلَى النَّارِ فَأُعَزِّيهَا، ثُمَّ بكى وقال:
(ولما قسا قَلْبِي وَضَاقَتْ مَذَاهِبِي ... جَعَلْتُ رَجَائِي نَحْوَ عَفْوِكَ سُلَّمَا)
(تَعَاظَمَنِي ذَنْبِي فَلَمَّا قَرَنْتُهُ ... بِعَفْوِكَ رَبِّي كَانَ عَفْوُكَ أَعْظَمَا)
(وَمَا زِلْتُ ذَا عَفْوٍ عَنِ الذَّنْبِ سَيِّدِي ... تَجُودُ وَتَعْفُو مِنَّةً وَتَكُرُّمَا)
(ولولاك لم يغوي بِإِبْلِيسَ عَابِدٌ ... فَكَيْفَ وَقَدْ أَغْوَى صَفِيَّكَ آدَمَا)
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ: مَرِضَ بَعْضُ الْعُبَّادِ فَدَخَلْنَا نَعُودُهُ، فَجَعَلَ يَتَنَفَّسُ وَيَتَأَسَّفُ فَقُلْتُ لَهُ: عَلَى مَاذَا تَتَأَسَّفُ؟ قَالَ: عَلَى لَيْلَةٍ نِمْتُهَا وَيَوْمٍ أَفْطَرْتُهُ وَسَاعَةٍ غَفَلْتُ فِيهَا عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ﷿.
وَبَكَى بَعْضُ الْعُبَّادِ عِنْدَ مَوْتِهِ فَقِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ فَقَالَ: أَنْ يَصُومَ الصَّائِمُونَ وَلَسْتُ فِيهِمْ، وَيَذْكُرَ الذَّاكِرُونَ وَلَسْتُ فِيهِمْ، وَيُصَلِّيَ الْمُصَلُّونَ وَلَسْتُ فِيهِمْ.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْعجلِيُّ: دَخَلْتُ عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ فَقَالَ لِي: سَخِرَتْ بِيَ الدُّنْيَا حَتَّى ذهبت أيامي.

1 / 217