190

Табсира

التبصرة

Издатель

دار الكتب العلمية

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

Место издания

بيروت - لبنان

أَبُو جَادٍ مَلِكَ مَكَّةَ وَمَا وَالاهَا مِنْ تِهَامَةَ، وَكَانَ هَوازُ وَحُطِّي مَلِكَيْ وَجٍّ وَهُوَ الطَّائِفُ، وَكَانَ سعفصُ وَقُريشَاتُ مَلِكَيْ مَدْيَنَ، ثُمَّ خَلَفَهُمْ كَلَمُونُ فَكَانَ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ فِي مُلْكِهِ. فَقَالَتْ حَالِفَةُ بِنْتُ كَلَمُونَ تَرْثِيهِ:
(كَلَمُونُ هَدَّ رُكْنِي ... هَلْكُهُ وَسْطَ الْمَحَلَّهْ)
(سَيِّدُ الْقَوْمِ أَتَاهُ الْحَتْفُ نَارٌ وَسْطَ ظُلَّهْ ...)
(كُوِّنَتْ نَارًا فَأَضْحَتْ ... دَارُهُمْ كَالْمُضْمَحِلَّهْ)
قَالَ ابْنُ الْمُنَادِي: ثُمَّ إن شعيبًا مكث في أصحاب الأيكة باقي عُمْرُهُ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَمَا ازْدَادُوا إِلا عُتُوًّا فَسُلِّطَ عَلَيْهِمُ الْحَرُّ. فَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ الأُمَّتَانِ اتَّفَقَتَا فِي التَّعْذِيبِ.
وَقَدْ قَالَ قَتَادَةُ: أَمَّا أَهْلُ مَدْيَنَ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ وَالرَّجْفَةُ، وَأَمَّا أَصْحَابُ الأَيْكَةَ فَسُلِّطَ عَلَيْهِمُ الْحَرُّ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ نَارًا فَأَكَلَتْهُمْ، فَذَلِكَ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ.
ثُمَّ إِنَّ شُعَيْبًا زَوَّجَ مُوسَى ابْنَتَهُ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ فَمَاتَ بِهَا وَكَانَ عُمْرُهُ مِائَةً وأربعين سنة، ودفن فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حِيَالَ الْحَجَرِ الأَسْوَدِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَظَّمَ ذِكْرَ الْبَخْسِ فِي قِصَّتِهِمْ وَشَدَّدَ فِيهِ وَأَطْنَبَ فِي ذِكْرِهِ وَأَشَارَ إِلَى التَّوْحِيدِ، لِيُنَبِّهَنَا عَلَى مَا نَرْتَكِبُهُ، فَإِذْ قَدْ عَرَفْنَا قُبْحَ الشِّرْكِ لَمْ نَحْتَجْ إِلَى الإِطْنَابِ فِي ذِكْرِهِ، وَكَذَلِكَ عَابَ قَوْمَ لُوطٍ بِالْفَاحِشَةِ وَبَالَغَ فِي ذِكْرِهَا، وَكُلُّ ذَلِكَ لِتَخْوِيفِنَا.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ الْمَدِينَةَ كَانُوا مِنْ أَخَبْثِ النَّاسِ كَيْلا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ﴾ .
وَاعْلَمْ أَنَّهُ خَوَّفَ الْمُطَفِّفِينَ بِذِكْرِ الْوَيْلِ لَهُمْ ثُمَّ قَالَ: ﴿أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ﴾ وَالْمَعْنَى: لَوْ ظَنُّوا الْبَعْثَ مَا بَخَسُوا ﴿يَوْمَ يقوم الناس لرب العالمين﴾ أَيْ لأَمْرِ الْجَزَاءِ.

1 / 210