Табсира
التبصرة
Издатель
دار الكتب العلمية
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
Место издания
بيروت - لبنان
رَبِحَ الْقَوْمُ وَخَسِرْتَ، وَسَارُوا إِلَى الْمَحْبُوبِ وَمَا سِرْتَ، وَأُجِيرُوا مِنَ اللَّوْمِ وَمَا أُجِرْتَ، وَاسْتُزِيدُوا إِلَى الْقُرْبِ وَمَا اسْتُزِدْتَ، ذُنُوبُكَ طَرَدَتْكَ عَنْهُمْ، وَخَطَايَاكَ أَبْعَدَتْكَ مِنْهُمْ، قُمْ فِي اللَّيْلِ تَرَى تِلْكَ الرُّفْقَةَ، وَاسْلُكْ طَرِيقَتَهُمْ وَإِنْ بَعُدَتِ الشُّقَّةُ، وَابْكِ عَلَى تَأَخُّرِكَ وَاحْذَرِ الْفُرْقَةَ.
(شَمِّرْ عَسَى أَنْ يَنْفَعَ التَّشْمِيرُ ... وَانْظُرْ بِفِكْرِكَ مَا إِلَيْهِ تَصِيرُ)
(طَوَّلْتَ آمَالا تَكَنَّفَهَا الْهَوَى ... وَنَسِيتَ أَنَّ الْعُمْرَ مِنْكَ قَصِيرُ)
(قَدْ أَفْصَحَتْ دُنْيَاكَ عَنْ غَدَرَاتِهَا ... وَأَتَى مَشِيبُكَ وَالْمَشِيبُ نَذِيرُ)
(دَارٌ لَهَوْتَ بِزَهْوِهَا مُتَمَتِّعًا ... تَرْجُو الْمُقَامَ بِهَا وَأَنْتَ تَسِيرُ)
(وَاعْلَمْ بِأَنَّكَ رَاحِلٌ عَنْهَا وَلَوْ ... عُمِّرْتَ فِيهَا مَا أَقَامَ ثَبِيرُ)
(لَيْسَ الْغِنَى فِي الْعَيْشِ إِلا بُلْغَةً ... وَيَسِيرُ مَا يَكْفِيكَ مِنْهُ كَثِيرُ)
(لا يَشْغَلَنَّكَ عَاجِلٌ عَنْ آجِلِ ... أَبَدًا فَمُلْتَمِسُ الحقير حقير)
(ولقد تَسَاوَى بَيْنَ أَطْبَاقِ الثَّرَى ... فِي الأَرْضِ مَأْمُورٌ بِهَا وَأَمِيرُ)
الْكَلامُ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى
﴿قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾ لَمَّا كَسَرَ الْخَلِيلُ الأَصْنَامَ حَمَلُوهُ إِلَى نُمْرُودَ، فَعَزَمَ عَلَى إِهْلاكِهِ، فَقَالَ رَجُلٌ: حَرِّقُوهُ. قَالَ شُعَيْبٌ الْجُبَّائِيُّ: خَسَفَتِ الأَرْضُ بِالَّذِي قَالَ حَرِّقُوهُ، فَهُو يَتَجَلْجَلُ فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَأُلْقِيَ الْخَلِيلُ فِي النَّارِ وَهُو ابْنُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً. قَالَ عُلَمَاءُ السِّيَرِ: حَبَسَهُ نُمْرُودُ، ثُمَّ بنوا له حَوَالَيْ سَفْحِ جَبَلٍ مُنِيفٍ طُولُ جِدَارِهِ سِتُّونَ ذِرَاعًا، وَنَادَى مُنَادِي نُمْرُودَ: أَيُّهَا النَّاسُ احْتَطِبُوا لإِبْرَاهِيمَ، وَلا يَتَخَلَّفَنَّ عَنْ ذَلِكَ صَغِيرٌ وَلا كَبِيرٌ، فَمَنْ تَخَلَّفَ أُلْقِيَ فِي تِلْكَ النَّارِ.
فَفَعَلُوا ذَلِكَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً حَتَّى إِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ لَتَقُولُ: إِنْ ظَفِرْتُ بِكَذَا
1 / 120